الدالة على ارتباط بعضها بالبعض، فلهذا السبب الظاهر وضع الأسماء والأفعال سابق على وضع الحروف، فأما الأفعال والأسماء فأيهما أسبق؟ الأظهر أن وضع الأسماء سابق على وضع الأفعال، ويدل عليه وجوه: - الأول: أن الاسم لفظ دال على الماهية، والفعل لفظ دال على حصول الماهية بشيء من الأشياء في زمان معين، فكان الاسم مفردا والفعل مركبا، والمفرد سابق على المركب بالذات والرتبة، فوجب أن يكون سابقا عليه في الذكر واللفظ.
الثاني: أن الفعل يمتنع التلفظ به إلا عند الإسناد إلى الفاعل، أما اللفظ الدال على ذلك الفاعل فقد يجوز التلفظ به من غير أن يسند إليه الفعل، فعلى هذا الفاعل غني عن الفعل، والفعل محتاج إلى الفاعل، والغني سابق بالرتبة على المحتاج، فوجب أن يكون سابقا عليه في الذكر.
الثالث: أن تركيب الاسم مع الاسم مفيد، وهو الجملة المركبة من المبتدأ والخير، أما تركيب الفعل مع الفعل فلا يفيد البتة، بل ما لم يحصل في الجملة الاسم لم يفد البتة، فعلمنا أن الاسم متقدم بالرتبة، على الفعل، فكان الأظهر تقدمه عليه بحسب الوضع. تقدم اسم الجنس على المشتق وضعا:
المسألة السادسة: قد علمت أن الاسم قد يكون اسما للماهية من حيث هي هي، وقد يكون إسما مشتقا وهو الاسم الدال على كون الشيء موصوفا بالصفة الفلانية كالعالم والقادر، والأظهر أن أسماء الماهيات سابقة بالرتبة على المشتقات، لأن الماهيات مفردات والمشتقات مركبات والمفرد قبل المركب.
المسألة السابعة: يشبه أن تكون أسماء الصفات سابقة بالرتبة على أسماء الذوات القائمة بأنفسها؛ لأنا لا نعرف الذوات إلا بواسطة الصفات القائمة بها، والمعرف معلوم قبل المعرف والسبق في المعرفة يناسب السبق في الذكر. أقسام أسماء المسميات:
المسألة الثامنة: في أقسام الأسماء الواقعة على المسميات: اعلم أنها تسعة، فأولها: الاسم الواقع على الذات، وثانيها: الاسم الواقع على الشيء بحسب جزء من أجزاء ذاته كما إذا قلنا للجدار أنه جسم وجوهر، وثالثها: الاسم الواقع على الشيء بحسب صفة حقيقية قائمة بذاته كقولنا للشيء إنه أسود وأبيض وحار وبارد فإن السواد والبياض والحرارة والبرودة صفات حقيقية قائمة بالذات لا تعلق لها بالأشياء الخارجية، ورابعها: الاسم الواقع على الشيء بحسب صفة إضافية فقط كقولنا للشيء إنه معلوم ومفهوم ومذكور ومالك ومملوك، وخامسها: الاسم الواقع على الشيء بحسب حالة سلبية كقولنا إنه أعمى وفقير وقولنا إنه سليم عن الآفات خال