المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٥١٣
بسم الله الرحمن الرحيم سورة العاديات وهي مكية في قول جماعة من أهل العلم وقال المهدوي عن انس بن مالك وهي مدنية قوله عز وجل سورة العاديات 1 - 11 اختلف الناس في المراد ب * (العاديات) * فقال ابن عباس وقتادة ومجاهد وعكرمة أراد الخيل لأنها تعدو بالفرسان وتصيح بأصواتها قال بعضهم وسببها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خيلا إلى بني كنانة سرية فأبطأ أمرها عليه حتى أرجف بهم بعض المنافقين فنزلت الآية معلمة ان خيله عليه السلام قد فعلت جميع ما في الآية وقال آخرون القسم هو بالخيل جملة لأنها تعدو ضابحة قديما وحديثا وهي حاصرة البلاد وهادمة الممالك وفي نواصيها الخير إلى يوم القيامة وقال علي بن أبي طالب وابن مسعود وإبراهيم وعبيد بن عمير * (العاديات) * في هذه الآية الإبل لأنها تضبح في عدوها قال علي والقسم بالإبل العاديات من عرفة ومن مزدلفة إذا وقع الحاج وبإبل غزوة بدر فإنه لم يكن في الغزوة غير فرسين فرس المقداد وفرس الزبير بن العوام والضبح تصويت جهير عند العدو الشديد ليس بصهيل ولا رغاء ولا نباح بل هو غير المعتاد من صوت الحيوان الذي يضبح وحكي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال ليس يضبح من الحيوان غير الخيل والكلاب وهذا عندي لا يصح عن ابن عباس رضي الله عنه وذلك أن الإبل تضبح والأسود من الحيات والبوم والصدى والأرنب والثعلب والقوس هذه كلها قد استعملت لها العرب الضبح وأنشد أبو حنيفة في صفة قوس (حنانة من نشم أو تالب * تضبح في الكف ضباح الثعلب) الرجز والظاهر في الآية ان القسم بالخيل أو بالإبل أو بهما قوله تعالى * (فالموريات قدحا) * قال علي بن أبي طالب وابن مسعود هي الإبل وذلك انها في عدوها ترجم الحصى بالحصى فيتطاير منه النار فذلك القدح قال ابن عباس هي الخيل وذلك بحوافرها في الحجارة وذلك معروف وقال عكرمة
(٥١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 ... » »»