المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٥١٦
بسم الله الرحمن الرحيم سورة القارعة وهي مكية بلا خلاف قوله عز وجل سورة القارعة 1 - 11 قرأ (القارعة ما القارعة) بالنصب عيسى قال جمهور المفسرين * (القارعة) * يوم القيامة نفسها لأنها تقرع القلوب بهولها وقال قوم من المتأولين * (القارعة) * صيحة النفخة في الصور لأنها تقرع الأسماع وفي ضمن ذلك القلوب وفي قوله تعالى * (وما أدراك) * تعظيم لأمرها وقد تقدم مثله و * (يوم) * ظرف والعامل فيه * (القارعة) * وامال أبو عمرو * (القارعة) * و (الفراش) طير دقيق يتساقط في النار ويقصدها ولا يزال يقتحم على المصباح ونحوه حتى يحترق ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم (انا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب) وقال الفراء (الفراش) في الآية غوغاء الجراد وهو صغيره الذي ينتشر في الأرض والهواء و * (المبثوث) * هنا معناه المتفرق جمعه وجملته موجودة متصلة وقال بعض العلماء الناس أول قيامهم من القبور * (كالفراش المبثوث) * لأنهم يجيئون ويذهبون على غير نظام يدعوهم الداعي فيتوجهون إلى ناحية المحشر فهم حينئذ كالجراد المنتشر لأن الجراد إنما توجهه إلى ناحية مقصودة واختلف اللغويون في (العهن) فقال أكثرهم هو الصوف عاما وقال آخرون وهو الصوف الأحمر وقال آخرون هو الصوف الملون ألوانا واحتج بقول زهير (كأن فتات العهن في كل منزل * نزلن به حب الفنا لم يحطم) والفنا عنب الثعلب وحبه قبل التحطم منه الأخضر والأحمر والأصفر وكذلك الجبال جدد بيض وحمر وسود وصفر فجاء التشبيه ملائما وكون * (الجبال كالعهن) * إنما هو وقت التفتيت قبل النسف
(٥١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 ... » »»