المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٥٠٧
بسم الله الرحمن الرحيم سورة البينة وهي مكية في قول جمهور المفسرين وقال ابن الزبير وعطاء بن يسار انها مدنية والأول أشهر قوله عز وجل سورة البينة 1 - 5 وفي حرف أبي بن كعب (ما كان الذين) وفي حرف ابن مسعود (لم يكن المشركين وأهل الكتاب منفكين) وقوله تعالى * (منفكين) * معناه منفصلين متفرقين تقول انفك الشيء عن الشيء إذا انفصل عنه وما انفك التي هي من أخوات كان لا مدخل بها في هذه الآية ونفى في هذه الآية أن تكون هذه الصنيعة منفكة واختلف الناس عماذا فقال مجاهد وغيره لم يكونوا * (منفكين) * عن الكفر والضلال حتى جاءتهم البينة وأوقع المستقبل موضع الماضي في * (تأتيهم) * لأن باقيى الآية وعظمها لم يرده بعد وقال الفراء وغيره لم يكونوا * (منفكين) * عن معرفة صحة نبوة محمد عليه السلام والتوكف لأمره حتى جاءتهم البينة تفرقوا عند ذلك وذهب بعض النحويين إلى هذا النفي المتقدم مع * (منفكين) * يجعلها تلك التي هي مع كان ويرى التقدير في خبرها عارفين امر محمد أو نحو هذا ويتجه في معنى الآية قول ثالث بارع المعنى وذلك أن يكون المراد لم يكن هؤلاء القوم * (منفكين) * من امر الله تعالى وقدرته ونظره لهم حتى يبعث إليهم رسولا منذرا تقوم عليهم به الحجة وتتم على من آمن النعمة فكأنه قال ما كانوا ليتركوا سدى وبهذا المعنى نظائر في كتاب الله تعالى وقرا بعض الناس (والمشركون) بالرفع وقرا الجمهور (والمشركين) بالخفض ومعناهما بين و * (البينة) * معناه القصة البينة والجلية والمراد محمد عليه السلام وقرا الجمهور (رسول الله) بالرفع وقرأ أبي (رسولا) بالنصب على الحال والصحف المطهرة القرآن في صحفه قاله الضحاك وقتادة وقال الحسن الصحف المطهرة في السماء وقوله عز وجل * (فيها كتب قيمة) * فيه حذف مضاف تقديره فيها احكام كتب وقيمة معناه قائمة معتدلة آخذة للناس
(٥٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 ... » »»