المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٥٠١
بسم الله الرحمن الرحيم سورة العلق وهي مكية بإجماع وهي أول ما نزل من كتاب الله تعالى نزل صدرها في غار حراء حسبما ثبت في صحيح البخاري وغيره وروي من طريق جابر بن عبد الله أن أول ما نزل * (يا أيها المدثر) * المدثر 1 وقال أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل أول ما نزل فاتحة الكتاب والقول الأول أصح والترتيب في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي ذلك قوله عز وجل سورة العلق 1 - 19 في صحيح البخاري في حديث عائشة رضي الله عنها قال أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب اليه التحنث في غار حراء فكان يخلو فيه فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد ثم ينصرف حتى جاءه الملك وهو في غار حراء فقال له * (اقرأ) * فقال ما انا بقارئ قال فأخذني فغطني ثم كذلك ثلاث مرات فقال له في الثالثة * (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق) * إلى قوله * (ما لم يعلم) * قال فرجع بها رسول ترجف بوادره الحديث بطوله ومعنى هذه الآية * (اقرأ) * هذا القرآن * (باسم ربك) * أي ابدأ فعلك بذكر اسم ربك كما قال * (اركبوا فيها بسم الله) * هود 41 هذا وجه ووجه آخر في كتاب الثعلبي ان المعنى * (اقرأ) * في أول كل سورة وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم ووجه آخر ان يكون المقروء الذي امر بقراءته هو * (باسم ربك الذي خلق) * كأنه قال له * (اقرأ) * هذا اللفظ ولما ذكر الرب وكانت العرب في الجاهلية تسمي الأصنام أربابا جاءه بالصفة التي لا شركة للأصنام فيها وهي قوله تعالى * (الذي خلق) * ثم مثل لهم من المخلوقات ما لا مدافعة فيه وما يجده كل مفطور في نفسه فقال * (خلق الإنسان من علق) *
(٥٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»