المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٣٩٢
بسم الله الرحمن الرحيم سورة المدثر وهي مكية بإجماع من أهل التأويل قوله عز وجل سورة المدثر 1 - 10 اختلف القراء في * (المدثر) * على نحو ما ذكرناه في * (المزمل) * المزمل 1 وفي حرف أبي بن كعب * (المدثر) * ومعناه المتدثر بثيابه و (الدثار) ما يتغطى الإنسان به من الثياب واختلف الناس لم ناداه ب * (المدثر) * فقال جمهور المفسرين بما ورد في البخاري من أنه لما فرغ من رؤية جبريل على كرسي بين السماء والأرض فرعب منه ورجع إلى خديجة فقال زملوني زملوني نزلت * (يا أيها المدثر) * وقال النخعي وقتادة وعائشة نودي وهو في حال تدثر فدعي بحال من أحواله وروي انه كان يدثر في قطيفة وقال آخرون معناه أيها النائم وقال عكرمة معناه * (يا أيها المدثر) * للنبوة وأثقالها واختلف الناس في أول ما نزل من كتاب الله تعالى فقال جابر بن عبد الله وأبو سلمة والنخعي ومجاهد هو * (يا أيها المدثر) * الآيات وقال الزهري والجمهور هو * (اقرأ باسم ربك الذي خلق) * العلق 1 وهذا هو الأصح وحديث صدر كتاب البخاري نص في ذلك وقوله تعالى * (قم فأنذر) * بعثة عامة إلى جميع الخلق قال قتادة المعنى انذر عذاب الله ووقائعه بالأمم وقوله تعالى * (وربك فكبر) * معناه عظمه بالعبادة وبث شرعه وروي عن أبي هريرة ان بعض المؤمنين قال بم نفتتح صلاتنا فنزلت * (وربك فكبر) * واختلف المتاولون في معنى قوله * (وثيابك فطهر) * فقال ابن سيرين وابن زيد بن أسلم والشافعي وجماعة هو أمر بتطهير الثياب حقيقة وذهب الشافعي وغيره من هذه الآية إلى وجوب غسل النجاسات من الثياب وقال الجمهور هذه الألفاظ استعارة في تنقية الأفعال والنفس والعرض وهذا كما تقول فلان طاهر الثوب ويقال للفاجر دنس الثوب ومنه قول الشاعر غيلان بن سلمة الثقفي (وإني بحمد الله لا ثوب فاجر * لبست ولا من خزية أتقنع) الطويل وقال الآخر (لاهم إن عامر ابن جهم * أوذم حجا في ثياب دهم) الرجز
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»