المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٠
قوله عز وجل سورة القلم 21 - 29 * (تنادوا) * معناه دعا بعضهم بعضا إلى المضي لميعادهم وقرا بعض السبعة (ان اغدوا) بضم النون وبعضهم بكسرها وقد تقدم هذا مرارا وقولهم * (إن كنتم صارمين) * يحتمل ان يكون من صرام النخل ويحتمل ان يريد إن كنتم من أهل عزم واقدام على آرائكم من قولك سيف صارم و * (يتخافتون) * معناه يتكلمون كلاما خفيا ومنه قوله تعالى * (ولا تخافت بها) * الاسراء 110 وكان هذا التخافت خوفا من أن يشعر بهم المساكين وكان لفظهم الذي * (يتخافتون) * به ان لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وقرا ابن مسعود وابن أبي عبلة (لا يدخلنها) بسقوط ان وقوله تعالى * (على حرد) * يحتمل ان يريد على منع من قولهم حاردت الإبل إذا قلت ألبانها فمنعتها وحاردت السنة إذا كانت شهباء لا غلة لها ومنه قول الشاعر الكميت (وحاردت النكد الجلاد فلم يكن * لعقبة قدر المستعيرين معقب) الطويل ويحتمل ان يريد بالحرد القصد وبذلك فسر بعض اللغويين وأنشد عليه القرطبي (أقبل سيل جاء من امر الله * يحرد حرد الحبة المغله) الرجز أي يقصد قصدها ويحتمل ان يريد بالحرد الغضب يقال حرد الرجل حردا إذا غضب ومنه قول الأشهب بن رميلة (أسود شرى لاقت أسودا خفية * تساقوا على حرد دماء الأساود) الطويل وقوله تعالى * (قادرين) * يحتمل ان يكون من القدرة أي هم قادرون في زعمهم ويحتمل ان يكون من التقدير كأنهم قد قدروا على المساكين أي ضيقوا عليهم ومنه قوله تعالى * (ومن قدر عليه رزقه) * الطلاق 7 وقوله * (فلما رأوها) * أي محترقة حسبوا انهم قد ضلوا الطريق وانها ليست تلك فلما تحققوها علموا انها أصيبت فقالوا * (بل نحن محرومون) * أي قد حرمنا غلتها وبركتها فقال لهم أعدلهم قولا وخلقا وعقلا وهو الأوسط ومنه قوله تعالى * (أمة وسطا) * البقرة 143 أي عدولا خيارا و * (تسبحون) * قيل هي عبارة عن طاعة الله وتعظيمه والعمل بطاعته وقال مجاهد وأبو صالح هي كانت لفظة الاستثناء عندهم قال القاضي أبو محمد وهذا يرد عليه قولهم * (سبحان ربنا) * فبادر القوم عند ذلك وتابوا وسبحوا واعترفوا بظلمهم في اعتقادهم منع الفقراء
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»