المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٣٤٧
قال القاضي أبو محمد وهذا قول حسن قليل التكلف ولا نقول إن حرفا بمعنى حرف بل نقول إن هذا المعنى يتوصل اليه ب (في) وبالباء أيضا وقرا ابن عبلة (في أيكم المفتون) وقوله تعالى * (إن ربك هو أعلم بمن ضل) * الآية وعيد والعامل في قوله * (بمن ضل) * * (أعلم) * وقد قواه حرف الجر فلا يحتاج إلى اضمار فعل وقوله تعالى * (فلا تطع المكذبين) * يريد قريشا وذلك انهم قالوا في بعض الأوقات لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو عبدت آلهتنا وعظمتها لعبدنا الهك وعظمناه وودوا ان يداهنهم النبي صلى الله عليه وسلم ويميل إلى ما قالوا فيميلون هم أيضا إلى قوله ودينه والادهان الملاينة فيما لا يحل والمداراة الملاينة فيما يحل وقوله تعالى " فيذهبون " معطوف وليس بجواب لأنه كان ينصب والحلاف المردد لحلفه الذي قد كثر منه والمهين الضعيف الرأي والعقل قاله مجاهد وهو من مهن إذا ضعف الميم فاء الفعل وقال ابن عباس المهين الكذاب والهماز الذي يقع في الناس وأصل الهمز في اللغة الضرب طعنا باليد أو بالعصا أو نحوه ثم استعير للذي ينال بلسانه قال المنذر بن سعيد وبعينه واشارته وسميت الهمزة لأن في النطق بها حدة وعجلة فأشبهت الهمز باليد وقيل لبعض العرب اتهمز الفأرة قال الهرة تهمزها وقيل لآخر اتهمز إسرائيل فقال إني إذا لرجل سوء والنميم مصدر كالنميمة وهو نقل ما يسمع مما يسوء ويحرش النفوس وروى حذيفة ان النبي قال (لا يدخل الجنة قتات) وهو النمام وذهب كثير من المفسرين إلى أن هذه الأوصاف هي أجناس لم يرد بها رجل بعينه وقالت طائفة بل نزلت في معين واختلف فيه فقال بعضها هو الوليد بن المغيرة ويؤيد ذلك غناه وانه أشهرهم بالمال والبنين وقال الشعبي وغيره هو الأخنس بن شريق ويؤيد ذلك أنه كانت له هنة في حلقه كزنمة الشاة وأيضا فكان من ثقيف ملصقا في قريش وقال ابن عباس في كتاب الثعلبي هو أبو جهل وذكر النقاش عتبة بن ربيعة وقال مجاهد هو الأسود بن عبد يغوث وظاهر اللفظ عموم من هذه صفته والمخاطبة بهذا المعنى مستمرة باقي الزمن لا سيما لولاة الأمور قوله عز وجل سورة القلم 12 - 20 قال كثير من المفسرين الخبر هنا المال فوصفه بالشح وقال آخرون بل هو على عمومه في المال والأفعال الصالحة ومن يمنع ايمانه وطاعته لله تعالى فقد منع الخير والمعتدي المتجاوز لحدود الأشياء والأثيم فعيل من الإثم بمعنى آثم وذلك من حيث اعماله قبيحة تكسب الإثم والعتل القوي البنية الغليظ الأعضاء المصحح القاسي القلب البعيد الفهم الأكول الشروب الذي هو بالليل جيفة وبالنهار حمار فكل ما عبر به المفسرون عنه من خلال النقص فعن هذه التي ذكرت بصدر وقد ذكر النقاش ان النبي صلى الله عليه وسلم فسر العتل بنحو هذا وهذه الصفات كثيرة التلازم والعتل
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»