المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٣١٨
أبي رباح فمعنى الآية * (فمنكم كافر) * بالله * (مؤمن) * بالكوكب ومؤمن بالله كافر بالكوكب وقدم الكافر لأنه أعرف من جهة الكثرة وقوله تعالى * (بالحق) * أي حين كان خلقها محقوقا في نفسه ليست عبثا ولا لغير معنى وقرا جمهور الناس (صوركم) بضم الصاد وقرا أبو رزين (صوركم) بكسرها وهذا تعديد النعمة في حسن الخلقة لأن أعضاء ابن آدم متصرفة لجميع ما تتصرف به أعضاء الحيوان وبزيادات كثيرة فضل بها ثم هو مفضل بحسن الوجه وجمال الجوارح وحجة هذا قوله تعالى * (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) * التين 4 وقال بعض العلماء النعمة المعددة هنا إنما هي صورة الانسان من حيث هو إنسان مدرك عاقل فهذا هو الذي حسن له حتى لحق ذلك كمالات كثيرة قال القاضي أبو محمد والقول الأول أحرى في لغة العرب لأنها لا تعرف الصور الا الشكل وذكر تعالى علمه بما في السماوات والأرض فعم عظام المخلوقات ثم تدرج القول إلى اخفى من ذلك وهو جميع ما يقوله الناس في سر وفي علن ثم تدرج إلى ما هو أخفى وهو ما يهجس بالخواطر وذات الصدور ما فيها من خطرات واعتقادات كما يقال الذئب مغبوط بذي بطنه كما قال أبو بكر رضي الله عنه إنما هو بطن بنت خارجة و * (الصدور) * هنا عبارة عن القلب إذ القلب في الصدر قوله عز وجل سورة التغابن 5 - 7 * (يأتكم) * جزم وأصله (يأتيكم) قال سيبويه واعلم أن الآخر إذا كان يسكن في الرفع حذف في الجزم والخطاب في هذه الآية لقريش ذكروا بما حل بعاد وثمود وقوم إبراهيم وغيرهم ممن سمعت قريش أخبارهم و (وبال الأمر) مكروهه وما يسوء منه وقوله تعالى * (ذلك بأنه) * إشارة إلى ذوق الوبال وكون عذاب الآخرة لهم ثم ذكر تعالى من مقالة أولئك الماضين ما هو مشبه لقول كفار قريش من استبعاد بعث الله للبشر ونبوة أحد من بني آدم وحسد الشخص المبعوث وقوله (آبشر) رفع بالابتداء وجمع الضمير في قوله * (يهدوننا) * من حيث كان البشر اسم هذا النوع الادمي كأنهم قالوا أناس هداتنا وقوله تعالى * (استغنى الله) * عبارة عما ظهر من هلاكهم وانهم لن يضروا الله شيئا فبان انه كان غنيا أزلا وبسبب ظهور هلاكهم بعد ان لم يكن ظاهرا ساغ استعمال هذا البناء مسندا إلى اسم الله تعالى لأن بناء استفعل إنما هو لطلب الشيء وتحصيله بالطلب وقوله تعالى * (زعم الذين كفروا) *
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»