لهم فتنة وسبب ضلالة لأنهم يتمسكون بكفرهم ويقولون إنما غلبناهم لأنا على الحق وهم على الباطل نحا هذا المنحى قتادة وأبو مجلز وقال ابن عباس المعنى لا تسلطهم علينا فيفتنوننا عن أدياننا فكأنه قال لا تجعلنا مفتونين فعبر عن ذلك بالمصدر وهذا أرجح الأقوال لأنهم إنما دعوا لأنفسهم وعلى منحى قتادة إنما دعوا للكفار اما أن مقصدهم إنما هو ان يندفع عنهم ظهور الكفار الذي يسببه فتن الكفار فجاء في المعنى تحليق بليغ ونحوه قول النبي صلى الله عليه وسلم (بئس الميت سعد ليهود لأنهم يقولون لو كان محمد نبيا لم يمت صاحبه) وقوله تعالى * (لقد كان لكم) * الآية خطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وقوله * (لمن) * بدل من قوله * (لكم) * وكرر حرف الجر ليتحقق البدل وذلك عرف هذه المبدلات ومنه قوله تعالى * (للفقراء المهاجرين) * الحشر 8 وهو في القرآن كثير وأكثر ما يلزم من الحروف في اللام ثم اعلم تعالى باستغنائه عن العباد وانه * (الحميد) * في ذاته وأفعاله لا ينقص ذلك كفر كافر ولا نفاق منافق وروي ان هذه الأيات لما نزلت وأزمع المؤمنون امتثال امرها وصرم حبال الكفرة وإظهار عداوتهم لحقهم تأسف على قراباتهم وهم من أن لم يؤمنوا ولم يهتدوا حتى يكون بينهم الود والتواصل فنزلت * (عسى الله) * الآية مؤنسة في ذلك ومرجية ان يقع موقع ذلك بإسلامهم في الفتح وصار الجميع إخوانا ومن ذكر ان هذه المودة تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان وانها كانت بعد الفتح فقد أخطأ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وقت هجرة الحبشة وهذه الآيات نزلت سنة ست من الهجرة ولا يصح ذلك عن ابن عباس الا ان يسوقه مثالا وإن كان متقدما لهذه الآية لأنه استمر بعد الفتح كسائر ما نشأ من المودات و * (عسى) * من الله واجبة الوقوع إن شاء الله تعالى قوله عز وجل سورة الممتحنة 8 - 9 اختلف الناس في هؤلاء الذين لم ينه عنهم ان يبروا من هم فقال مجاهد هم المؤمنون من أهل مكة الذين آمنوا ولم يهاجروا وكانوا لذلك في رتبة سوء لتركهم فرض الهجرة وقال آخرون أراد المؤمنين التاركين للهجرة كانوا من أهل مكة ومن غيرها وقال الحسن وأبو صالح أراد خزاعة وبني الحارث بن كعب وقبائل من العرب كفار الا انهم كانوا مظاهرين للنبي صلى الله عليه وسلم محبين فيه وفي ظهوره ومنهم كنانة وبنو الحارث بن عبد مناة ومزينة وقال قوم أراد من كفار قريش من لم يقاتل ولا اخرج ولا اظهر سوءا وعلى هذين القولين فالآية منسوخة بالقتال وقال عبد الله بن الزبير أراد النساء والصبيان من الكفرة وقال إن الآية نزلت بسبب أم أسماء حين استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في برها وصلتها فأذن
(٢٩٦)