المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٨٩
قوله عز وجل سورة الحشر 11 - 13 هذه الآية نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول ورفاعة بن التابوت وقوم من منافقي الأنصار كانوا بعثوا إلى بني النضير وقالوا لهم أثبتوا في معاقلكم فإنا معكم حيثما تقلبت حالكم وإنما أرادوا بذلك ان تقوى نفوسهم عسى ان يثبتوا حتى لا يقدر محمد عليهم فيتم لهم مرادهم وكانوا كذبة فيما قالوا من ذلك ولذلك لم يخرجوا حين اخرج بني النضير بل قعدوا في ديارهم وقوله عز وجل * (لئن نصروهم) * معناه ولئن حاولوا ذلك فإنهم ينهزمون ثم لا ينصر الله تعالى منهم أحدا وجاءت الأفعال غير مجزومة في قوله * (لا يخرجون) * و * (لا ينصرونهم) * لأنها راجعة على حكم القسم لا على حكم الشرط وفي هذا نظر ثم خاطب الله تعالى أمة محمد مخبرا ان اليهود والمنافقين أشد خوفا من المؤمنين منهم من الله تعالى لأنهم يتوقعون عاجل الشر من المؤمنين ولا يؤمنون بآجل العذاب من الله تعالى وذلك لقلة فهمهم بالأمور وفقهم بالحق قوله عز وجل سورة الحشر 14 - 17 الضمير في قوله تعالى * (لا يقاتلونكم) * لبني النضير وجميع اليهود وهذا قول جماعة المفسرين ويحتمل ان يريد بذلك اليهود والمنافقين لأن دخول المنافقين في قوله تعالى * (بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) * متمكن بين ومعنى الآية * (لا يقاتلونكم) * في جيش مفحص والقرى المدن قال الفراء هذا جمع شاذ قال الزجاج ما في القرآن فليس بشاذ وهو مثل ضيعة وضيع وقرا ابن كثير وأبو عمرو وكثير من المكيين (جدار) على معنى الجنس وقرا كثير من المكيين وهارون عن ابن كثير (جدر) بفتح الجيم وسكون الدال ومعناه أصل بنيان كالسور ونحوه وقرأ الباقون من القراء (جدر) بضم الجيم والدال وهو جمع جدار وقرا أبو رجاء وأبو حيوة (جدر) بضم الجيم وسكون الدال وهو تخفيف في جمع جدار ويحتمل ان يكون من جدر النخل أي من وراء نخلهم إذ هي مما يتقي به عند المضايقة وقوله تعالى * (بأسهم بينهم شديد) * أي في عائلتهم واحبتهم وفي قراءة عبد الله بن مسعود (تحسبهم جميعا
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»