المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٤٥
وقوله تعالى * (فجعلناهن أبكارا) * قيل معناه دائمات البكارة ذ متى عاود الواطىء وجدها بكرا والعرب جمع عروب وهي المتحببة إلى زوجها بإظهار محبته قاله ابن عباس والحسن وعبر عنهم ابن عباس أيضا بالعواشق ومنه قول لبيد (وفي الحدوج عروب غير فاحشة * ريا الروادف يعشى دونها البصر) وقال ابن زيد العروب الحسنة الكلام وقد تجيء العروب صفة ذم على غير هذا المعنى وهي الفاسدة الأخلاق كأنها عربت ومنه قول الشاعر ابن الأعرابي (وما بدل من أم عثمان سلفع * من السود ورهاء العنان عروب) الطويل وقرأ ابن كثير وابن عامر والكسائي (عربا) بضم الراء وقرا حمزة والحسن والأعمش (عربا) بسكونها وهي لغة بني تميم واختلف عن نافع وأبي عمرو وعاصم وقوله * (أترابا) * معناه في الشكل والقد حتى يقول الرائي هم أتراب والترب هو الذي مس التراب مع تربه في وقت واحد قال قتادة * (أترابا) * يعني سنا واحدة ويروى ان أهل الجنة على قد ابن أربعة عشر عاما في الشباب والنضرة وقيل على مثال أبناء ثلاث وثلاثين سنة مردا بيضا مكحلين واختلف الناس في قوله * (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) * فقال الحسن بن أبي الحسن وغيره الأولون سالف الأمم منهم جماعة عظيمة أصحاب يمين والآخرون هم هذه الأمة منهم جماعة عظيمة أهل يمين قال القاضي أبو محمد بل جميعهم الا من كان من السابقين وقال قوم من المتأولين هاتان الفرقتان في أمة محمد وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الثلثان من أمتي) فعلى هذا التابعون بإحسان ومن جرى مجراهم ثلة أولى وسائر الأمة ثلة أخرى في آخر الزمان وقوله عز وجل سورة الواقعة 41 - 50 إعراب قوله * (وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال) * قد تقدم نظيره وفي الكلام هنا معنى الإنحاء عليهم وتعظيم مصابهم والسموم أشد ما يكون من الحر اليابس الذي لا بلل معه والحميم السخن جدا من المائع الذي في جهنم والعرب تقول للماء السخن حميما واليحموم الأسود وهو بناء مبالغة
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»