المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٣٤
لدم الحيض طمث ولدم الافتضاض طمث فإذا نفي الافتضاض فقد نفي القرب منهن بجهة الوطء قال الفراء لا يقال طمث الا إذا افتض قال غيره طمث معناه جامع بكرا أو غيرها واختلف الناس في قوله * (ولا جان) * فقال مجاهد الجن قد تجامع نساء البشر مع أزواجهن إذا لم يذكر الزوج الله تعالى فتنفي هذه الآية جميع المجامعات وقال ضمرة بن حبيب الجن لهم * (قاصرات الطرف) * من الجن نوعهم فنفى في هذه الآية الافتضاض عن البشريات والجنيات قال القاضي أبو محمد ويحتمل اللفظ ان يكون مبالغة وتأكيدا كأنه قال * (لم يطمثهن) * شيء أراد العموم التام لكنه صرح من ذلك بالذي يعقل منه ان يطمث وقال أبو عبيدة والطبري إن من العرب من يقول ما طمث هذا البعير حبل قط أي مامسه قال القاضي أبو محمد فإن كان هذا المعنى ما أدماه حبل فهو يقرب من الأول والا فهو معنى آخر غير الذي قدمناه وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد (ولا جان) بالهمز وقوله عز وجل سورة الرحمن 58 - 69 * (الياقوت والمرجان) * هي من الأشياء التي قد برع حسنها واستشعرت النفوس جلالتها فوقع التشبيه بها لا في جميع الأوصاف لكن فيما يشبه ويحسن بهذه المشبهات ف * (الياقوت) * في إملاسه وشفوفه ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في صفة المرأة من نساء أهل الجنة (يرى مخ ساقها من وراء العظم) * (والمرجان) * في إملاسه وجمال منظره وبهذا النحو من النظر سمت العرب النساء بهذه الأشياء كدرة بنت أبي لهب ومرجانة أم سعيد وغير ذلك وقوله تعالى * (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) * آية وعد وبسط لنفوس جميع المؤمنين لأنها عامة قال ابن المنكدر وابن زيد وجماعة من أهل العلم هي للبر والفاجر والمعنى ان جزاء من أحسن بالطاعة ان يحسن اليه بالتنعيم وحكى النقاش ان النبي صلى الله عليه وسلم فسر هذه الآية (هل جزاء التوحيد الا الجنة) وقوله تعالى * (ومن دونهما جنتان) * اختلف الناس في معنى * (من دونهما) * فقال ابن زيد وغيره معناه ان هذين دون تينك في المنزلة والقدرة والأوليان جنتا السابقين والأخريان جنتا أصحاب اليمين
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»