المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ١٠١
ووصفهم بهذه الصفات إذ أعمالهم من الخطأ وقلة الإجابة كأعمال من هذه صفته وصم رفع على خبر ابتداء فإما أن يكون ذلك على تقدير تكرار أولئك وإما على إضمار هم وقرأ عبد الله بن مسعود وحفصة أم المؤمنين رضي الله عنهما صما بكما عميا بالنصب ونصبه على الحال من الضمير في * (مهتدين) * وقيل هو نصب على الذم وفيه ضعف وأما من جعل الضمير في نورهم للمنافقين لا للمستوقدين فنصب هذه الصفات على قوله على الحال من الضمير في * (تركهم) * قال بعض المفسرين قوله تعالى * (فهم لا يرجعون) * إخبار منه تعالى أنهم لا يؤمنون بوجه قال القاضي أبو محمد وإنما كان يصح هذا إن لو كانت الآية في معينين وقال غيره معناه * (فهم لا يرجعون) * ما داموا على الحال التي وصفهم بها وهذا هو الصحيح لأن الآية لم تعين وكلهم معرض للرجوع مدعو إليه سورة البقرة 19 - 20 * (أو) * للتخيير معناه مثلوهم بهذا أو بهذا لا على الاقتصار على أحد الأمرين وقوله * (أو كصيب) * معطوف على * (كمثل الذي) * وقال الطبري * (أو) * بمعنى الواو قال القاضي أبو محمد وهذه عجمة والصيب المطر من صاب إذا انحط من علو إلى سفل ومنه قول علقمة بن عبدة (كأنهم صابت عليهم سحابة * وصواعقها لطيرهن دبيب) الطويل وقول الآخر (فلست لإنسي ولكن لملأك * تنزل من جو السماء يصوب) الطويل وأصل صيب صيوب اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت كما فعل في سيد وميت وقال بعض الكوفيين أصل صيب صويب على مثال فعيل وكان يلزمه أن لا يعل كما لم يعل طويل فبهذا يضعف هذا القول وقوله تعالى * (ظلمات) * بالجمع إشارة إلى ظلمة الليل وظلمة الدجن ومن حيث تتراكب وتتزايد جمعت وكون الدجن مظلما هول وغم للنفس بخلاف السحاب والمطر إذا انجلى دجنه فإنه سار جميل ومنه قول قيس بن الخطيم
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»