المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٩٩
معناه أن الذي يتحصل في نفس الناظر في أمرهم كمثل الذي يتحصل في نفس الناظر في أمر المستوقد وبهذا يزول الإشكال الذي في تفسير قوله تعالى " مثل الجنة " الرعد 35 محمد 15 وفي تفسير قوله تعالى " ليس كمثله شيء " الشورى 11 لأن ما يتحصل للعقل من وحدانيته وأزليته ونفي ما لا يجوز عليه ليس يماثله فيه شيء وذلك المتحصل هو المثل الأعلى الذي في قوله عز وجل * (ولله المثل الأعلى) * النحل 6 وقد جاء في تفسيره أنه لا إله إلا الله ففسر بجهة الوحدانية وقوله * (مثلهم) * رفع بالابتداء والخبر في الكاف وهي على هذا اسم كما هي في قول الأعشى (أتنتهون ولا ينهى ذوي شطط * كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل) البسيط ويجوز أن يكون الخبر محذوفا تقديره مثلهم مستقر كمثل فالكاف على هذا حرف ولا يجوز ذلك في بيت الأعشى لأن المحذوف فاعل تقديره شيء كالطعن والفاعل لا يجوز حذفه عند جمهور البصريين ويجوز حذف خبر الابتداء إذا كان الكلام دالا عليه وجوز الأخفش حذف الفاعل وأن يكون الكاف في بيت الأعشى حرفا ووحد الذي لأنه لم يقصد تشبيه الجماعة بالجماعة وإنما المقصد أن كل واحد من المنافقين فعله كفعل المستوقد و * (الذي) * أيضا ليس بإشارة إلى واحد ولا بد بل إلى هذا الفعل وقع من واحد أو من جماعة قال النحويون الذي اسم مبهم يقع للواحد والجميع و * (استوقد) * قيل معناه أوقد فذلك بمنزلة عجب واستعجب بمعنى قال أبو علي وبمنزلة هزىء واستهزأ وسخر واستسخر وقر واستقر وعلا قرنه واستعلاه وقد جاء استفعل بمعنى أفعل أجاب واستجاب ومنه قول الشاعر كعب بن سعد الغنوي (فلم يستجبه عند ذاك مجيب *) الطويل وأخلف لأهله واستخلف إذا جلب لهم الماء ومنه قول الشاعر (ومستخلفات من بلاد تنوفة * لمصفرة الأشداق حمر الحواصل) الطويل ومنه قول الآخر (سقاها فرواها من الماء مخلف *) الطويل ومنه أوقد واستوقد قاله أبو زيد وقيل استوقد يراد به طلب من غيره أن يوقد له على المشهور من باب استفعل وذلك يقتضي حاجته إلى النار فانطفاؤها مع حاجته إليها أنكى له واختلف في * (أضاءت) * فقيل يتعدى لأنه نقل بالهمزة من ضاء ومنه قول العباس بن عبد المطلب في النبي صلى الله عليه وسلم (وأنت لما ولدت أشرقت الأرض * وضاءت بنورك الطرق) المنسرح
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»