المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٥١١
يريد عزيمة فالإصرار اعتزام البقاء على الذنب ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا توبة مع إصرار) وقال أيضا (ما أصر من استغفر) واختلفت عبارة المفسرين في الإصرار فقال قتادة هو الذي يمضي قدما في الذنب لا تنهاه مخافة الله وقال الحسن إتيان العبد الذنب هو الإصرار حتى يتوب وقال مجاهد * (لم يصروا) * معناه لم يمضوا وقال السدي الإصرار هو ترك الاستغفار والسكوت عنه مع الذنب وقوله تعالى * (وهم يعلمون) * أنه قال السدي معناه وهم يعلمون أنهم قد أذنبوا وقال ابن إسحاق معناه وهم يعلمون بما حرمت عليهم وقال آخرون معناه وهم يعلمون أن باب التوبة مفتوح لهم وقيل المعنى وهم يعلمون أني أعاقب على الإصرار ثم شرك تعالى الطائفتين المذكورتين في قوله * (أولئك جزاؤهم) * الآية وهذه تؤذن بأن الله تعالى أوجب على نفسه بهذا الخبر الصادق قبول توبة التائب وليس يجب عليه تعالى من جهة العقل شيء بل هو بحكم الملك لا معقب لأمره وقوله * (ونعم أجر العاملين) * بمنزلة قوله ونعم الأجر لأن نعم وبئس تطلب الأجناس المعرفة أو ما أضيف إليها وليست هذه الآية بمنزلة قوله تعالى " ساء مثل القوم " الأعراف 177 لأن المثل هنا أضيف إلى معهود لا إلى جنس فلذلك قدره أبو علي ساء المثل مثل القوم ويحتمل أن يكون مثل القوم مرتفعا بساء ولا يضمر شيء سورة آل عمران 137 - 139 الخطاب بقوله تعالى * (قد خلت) * للمؤمنين والمعنى لا يذهب بكم إن ظهر الكفار المكذبون عليكم بأحد فإن العاقبة للمتقين وقديما أدال الله المكذبين على المؤمنين ولكن انظروا كيف هلك المكذبون بعد ذلك فكذلك تكون عاقبة هؤلاء وقال النقاش الخطاب ب * (قد خلت) * للكفار قال الفقيه القاضي أبو محمد وذلك قلق و * (خلت) * معناه مضت وسلفت أنه قال الزجاج التقدير أهل سنن والسنن الطرائق من السير والشرائع والملك والفتن ونحو ذلك وسنة الإنسان الشيء الذي يعمله ويواليه ومن ذلك قول خلد الهذلي لأبي ذؤيب (فلا تجزعن من سنة أنت سرتها * فأول راض سنة من يسيرها) وقال سليمان بن قتة (وإن الألى بالطف من آل هاشم * تأسوا فسنوا للكرام التأسيا) وقال لبيد (من معشر سنت لهم آباؤهم * ولكل قوم سنة وإمامها)
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»