وخص العرض بالذكر لأنه يدل متى ذكر على الطول والطول إذا ذكر لا يدل على قدر العرض بل قد يكون الطويل يسير العرض كالخيط ونحوه ومن ذلك قول العرب بلاد عريضة وفلاة عريضة وقال قوم قوله تعالى * (عرضها السماوات والأرض) * معناه كعرض السماوات والأرض كما هي طباقا لا بأن تقرن كبسط الثياب فالجنة في السماء وعرضها كعرضها وعرض ما وراءها من الأرضين إلى السابعة وهذه الدلالة على العظم أغنت عن ذكر الطول وقال قوم الكلام جار على مقطع العرب من الاستعارة فلما كانت الجنة من الاتساع والانفساح في غاية قصوى حسنت العبارة عنها بعرضها السماوات والأرض كما تقول لرجل هذا بحر ولشخص كبير من الحيوان هذا جبل ولم تقصد الآية تحديد العرض قال القاضي أبو محمد وجلب مكي هذا القول غير ملخص وأدخل حجة عليه قول العرب أرض عريضة وليس قولهم أرض عريضة مثل قوله * (عرضها السماوات والأرض) * إلا في دلالة ذكر العرض على الطول فقط وكذلك فعل النقاش وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للفارين يوم أحد (لقد ذهبتم فيها عريضة) وقال ابن فورك الجنة في السماء ويزداد فيها يوم القيامة قال القاضي أبو محمد وفي هذا متعلق المنذر بن سعيد وغيره ممن أنه قال إن الجنة لم تخلق بعد وكذلك النار وهو قول ضعيف وجمهور العلماء عل أنهما قد خلقتا وهو ظاهر كتاب الله تعالى في قوله * (أعدت للمتقين) * و * (أعدت للكافرين) * آل عمران 131 وغير ذلك وهو نص في الأحاديث كحديث الإسراء وغيره مما يقتضي أن ثم جنة قد خلقت وأما من يقول يزاد فيهما فلا ترد عليه الأحاديث لكنه يحتاج إلى سند يقطع العذر و * (أعدت) * معناه يسرت وانتظروا بها ثم وصف تعالى المتقين الذين أعدت لهم الجنة بقوله * (الذين ينفقون) * الآية وظاهر هذه الآية أنها مدح بفعل المندوب إليه أنه قال ابن عباس رضي الله عنهما * (في السراء والضراء) * معناه في العسر واليسر قال القاضي إذ الأغلب أن مع اليسر النشاط وسرور النفس ومع العسر الكراهية وضر النفس وكظم الغيظ رده في الجوف إذا كاد أن يخرج من كثرته فضبطه ومنعه كظم له والكظام السير الذي يشد به فم الزق والقربة وكظم البعير جرته إذا ردها في جوفه وقد يقال لحبسه الجرة قبل أن يرسلها إلى فيه كظم حكاه الزجاج فقال كظم البعير والناقة إذا لم يجترا ومنه قول الراعي (فأفضن بعد كظومهن بجرة * من ذي الأباطح أذرعين حقيلا) الكامل و * (الغيظ) * أصل الغضب وكثيرا ما يتلازمان ولذلك فسر بعض الناس * (الغيظ) * بالغضب وليس تحرير الأمر كذلك بل * (الغيظ) * فعل النفس لا يظهر على الجوارح والغضب حال لها معه ظهور في الجوارح وفعل ما ولا بد ولهذا جاز إسناد الغضب إلى الله تعالى إذ هو عبارة عن أفعاله في المغضوب عليهم ولا يسند إليه تعالى غيظ وخلط ابن فورك في هذه اللفظة ووردت في كظم الغيظ وملك النفس عند الغضب أحاديث وذلك من أعظم العبادة وجهاد النفس ومنه قول صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما من جرعة يتجرعها
(٥٠٩)