يريد لقرب الأمر ونحو هذا قول عامر بن فهيرة (لقد رأيت الموت قبل ذوقه *) يريد لما اشتد به المرض وقرأ طلحة بن مصرف فلقد رأيتموه وقوله تعالى * (وأنتم تنظرون) * يحتمل ثلاثة معان أحدها التأكيد للرؤية وإخراجها من الاشتراك الذي بين رؤية القلب ورؤية العين في اللفظ والآخر أن يكون المعنى وأنتم تنظرون في أسباب النجاة والفرار وفي أمر محمد صلى الله عليه وسلم هل قتل أم لا وذلك كله نقض لما كنتم عاهدتم الله عليه وحكى مكي عن قوم أنهم قالوا المعنى وأنتم تنظرون إلى محمد وهذا قول ضعيف إلا أن ينحى به إلى هذا القول الذي ذكرته أنه النظر في أمره هل قتل والاضطراب بحسب ذلك والمعنى الثالث أن يكون قد وقفهم على تمنيهم ومعاهدتهم وعلى أنهم رأوا ذلك الذي تمنوا ثم أنه قال على جهة التوبيخ والعتب * (وأنتم تنظرون) * في فعلكم الآن بعد انقضاء الحرب هل وفيتم أم خالفتم كأنه أنه قال وأنتم حسباء أنفسكم فتأملوا قبيح فعلكم وفي هذا التوبيخ على هذا الوجه ضرب جميل من الإبقاء والصون والاستدعاء أنه قال ابن فورك المعنى وأنتم تتأملون الحال في ذلك وتفكرون فيها كيف هي وهذا نحو ما تقدم سورة آل عمران 144 هذا استمرار في عتبهم وإقامة لحجة الله عليهم المعنى أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول كسائر الرسل قد بلغ كما بلغوا ولزمكم أيها المؤمنون العمل بمضمن الرسالة وليست حياة الرسول وبقاؤه بين أظهركم شرطا في ذلك لأن الرسول يموت كما مات الرسل قبله و * (خلت) * معناه مضت وسلفت وصارت إلى الخلاء من الأرض وقرأ جمهور الناس الرسل بالتعريف وفي مصحف ابن مسعود رسل دون تعريف وهي قراءة حطان بن عبد الله فوجه الأولى تفخيم ذكر الرسل والتنويه بهم على مقتضى حالهم من الله تعالى ووجه الثانية أنه موضع تيسير لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في معنى الحياة ومكان تسوية بينه وبين البشر في ذلك فجيء تنكير الرسل جاريا في مضمار هذا الاقتصاد به صلى الله عليه وسلم وهكذا يفعل في مواضع الاقتصاد بالشيء فمنه قوله تعالى * (وقليل من عبادي الشكور) * سبأ 13 وقوله تعالى * (وما آمن معه إلا قليل) * هود 40 إلى غير ذلك من الأمثلة ذكر ذلك أبو الفتح والقراءة بتعريف الرسل أوجه في الكلام وقوله تعالى * (أفإن مات) * الآية دخلت ألف الاستفهام على جملة الكلام على الحد الذي يخبر به ملتزمه لأن أقبح الأحوال أن يقولوا إن مات محمد أو قتل انقلبنا فلما كان فعلهم ينحو هذا المنحى وقفوا على الحد الذي به يقع الإخبار وقال كثير من
(٥١٦)