الخيرات) أن يكون المرء مغتنما للخمس كما أنه قال النبي صلى الله عليه وسلم (اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل مماتك وغناك قبل فقرك) فيكون متى أراد أن يصنع خيرا بادر إليه ولم يسوف نفسه بالأمل فهذه أيضا مسارعة في الخيرات وذكر بعض الناس أنه قال دخلت مع بعض الصالحين في مركب فقلت له ما تقول أصلحك الله في الصوم في السفر فقال لي إنها المبادرة يا ابن أخي أنه قال المحدث فجاءني والله بجواب ليس من أجوبة الفقهاء ثم وصف الله تعالى من تحصلت له هذه الصفات بأنه من جملة الصالحين و " من " يحسن أن تكون للتبعيض ويحسن أن تكون لبيان الجنس سورة آل عمران 115 - 117 قرأ ابن كثير ونافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر تفعلوا وتكفروه بالتاء على مخاطبة هذه الأمة وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بالياء فيهما على مشابهة ما تقدم من يتلون ويؤمنون وما بعدهما وكان أبو عمرو يقرأ بالوجهين و " تكفروه " معناه يعطى دونكم فلا تثابون عليه ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم (من أزلت إليه نعمة فليذكرها فإن ذكرها فقد شكرها فإن لم يفعل فقد كفرها) ومنه قول الشاعر عنترة (والكفر مخبثة لنفس المنعم *) الكامل وفي قوله تعالى * (والله عليم بالمتقين) * وعد ووعيد ثم عقب تعالى ذكر هذا الصنف الصالح بذكر حال الكفار ليبين الفرق وخص الله تعالى الأموال والأولاد بالذكر لوجوه منها أنها زينة الحياة الدنيا وعظم ما تجري إليه الآمال ومنها أنها ألصق النصرة بالإنسان وأيسرها ومنها أن الكفار يفخرون بالآخرة لا همة لهم إلا فيها هي عندهم غاية المرء وبها كانوا يفخرون على المؤمنين فذكر الله أن هذين اللذين هما بهذه الأوصاف لا غناء فيهما من عقاب الله في الآخرة فإذا لم تغن هذه فغيرها من الأمور البعيدة أحرى أن لا يغني وقوله تعالى * (أصحابه) * إضافة تخصيص ما تقتضي ثبوت ذلك لهم ودوامه وقوله تعالى * (مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا) * الآية معناه المثال القائم في النفوس من إنفاقهم الذي يعدونه قربة وحسبة وتحنثا ومن حبطه يوم القيامة وكونه هباء منثورا وذهابه كالمثال القائم في النفوس من زرع قوم نبت واخضر وقوي الأمل فيه فهبت عليه * (ريح فيها صر) * محرق فأهلكته فوقع
(٤٩٤)