يضل به إلا الفاسقين) البقرة 26 وقوله * (كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) * الأنعام 125 قال الفقيه أبو محمد وهذه الأقوال وما ضارعها يضعفها أن أهل الزيغ لا تعلق لهم بنوع مما ذكر دون سواه وقال محمد بن جعفر بن الزبير المحكمات هي التي فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه والمتشابهات لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد قال الفقيه الإمام أبو محمد وهذا أحسن الأقوال في هذه الآية وقال ابن زيد المحكم ما أحكم فيه قصص الأنبياء والأمم وبين لمحمد وأمته والمتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور بعضها باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني وبعضه بعكس ذلك نحو قوله * (حية تسعى) * طه 20 و * (ثعبان مبين) * الأعراف 107 ونحو اسلك يدك وأدخل يدك وقالت جماعة من العلماء منهم جابر بن عبد الله بن رئاب وهو مقتضى قول الشعبي وسفيان الثوري وغيرهما المحكمات من آي القرآن ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه وتفسيره والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه دون خلقه أنه قال بعضهم وذلك مثل وقت قيام الساعة وخروج يأجوج ومأجوج والدجال ونزول عيسى ونحو الحروف المقطعة في أوائل السور قال القاضي رحمه الله أما الغيوب التي تأتي فهي من المحكمات لأن ما يعلم البشر منها محدود وما لا يعلمونه وهو تحديد الوقت محدود أيضا وأما أوائل السور فمن المتشابه لأنها معرضة للتأويلات ولذلك اتبعته اليهود وأرادوا أن يفهموا منه مدة أمة محمد صلى الله عليه وسلم وفي بعض هذه العبارات التي ذكرنا للعلماء اعتراضات وذلك أن التشابه الذي في هذه الآية مقيد بأنه مما لأهل الزيغ به تعلق وفي بعض عبارات المفسرين تشابه لا يقتضي لأهل الزيغ تعلقا وقوله تعالى * (أم الكتاب) * فمعناه الإعلام بأنها معظم الكتاب وعمدة ما فيه إذ المحكم في آيات الله كثير قد فصل ولم يفرط في شيء منه أنه قال يحيى بن يعمر هذا كما يقال لمكة أم القرى ولمرو أم خراسان وكما يقال أم الرأس لمجتمع الشؤون إذ هو أخطر مكان أنه قال المهدوي والنقاش كل آية محكمة في كتاب الله يقال لها * (أم الكتاب) * وهذا مردود بل جميع المحكم هو * (أم الكتاب) * وقال النقاش وذلك كما تقول كلكم علي أسد ضار قال الفقيه أبو محمد وهذا المثال غير محكم وقال ابن زيد * (أم الكتاب) * معناه جماع الكتاب وحكى الطبري عن أبي فاختة أنه أنه قال * (هن أم الكتاب) * يراد به فواتح السور إذ منها يستخرج القرآن * (ألم ذلك الكتاب) * منه استخرجت سورة البقرة * (ألم الله لا إله إلا هو) * منه استخرجت سورة آل عمران وهذا قول متداع للسقوط مضطرب لم ينظر قائله أول الآية وآخرها ومقصدها وإنما معنى الآية الإنحاء على أهل الزيغ والإشارة بذلك أولا إلى نصارى نجران وإلى اليهود الذين كانوا معاصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا يعترضون معاني القرآن ثم تعم بعد ذلك كل زائغ فذكر الله تعالى أنه نزل الكتاب على محمد
(٤٠١)