المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٣٤٩
ملكا من الملوك يعمرها ويجد في ذلك حتى كان كمال عمارتها عند بعث القائل * (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) * وقرأ ابن كثير وعاصم ونافع * (لبثت) * في كل القرآن بإظهار الثاء وذلك لتباين الثاء من مخرج التاء وذلك أن الطاء والتاء والدال من حيز والظاء والذال والثاء المثلثة من حيز وقرأ أبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي بالإدغام في كل القرآن أجروهما مجرى المثلى من حيث اتفق الحرفان في أنهما من طرف اللسان وأصول الثنايا وفي أنهما مهموستان أنه قال أبو علي ويقوي ذلك وقوع هذين الحرفين في روي قصيدة واحدة سورة البقرة 259 وقف في هذه الألفاظ على بقاء طعامه وشرابه على حاله لم يتغير وعلى بقاء حماره حيا على مربطه هذا على أحد التأويلين وعلى التأويل الثاني وقف على الحمار كيف يحيي وتجتمع عظامه وقرأ ابن مسعود وهذا طعامك وشرابك لم يتسنه وقرأ طلحة بن مصرف وغيره وانظر إلى طعامك وشرابك لمائة سنة أنه قال أبو علي واختلفوا في إثبات الهاء في الفعل من قوله عز وجل * (لم يتسنه) * و * (اقتده) * الأنعام 90 و " ما أغنى غني ماليه " الحاقة 28 و * (سلطانيه) * الحاقة 29 " وما أدراك ماهية " القارعة 10 وإسقاطها في الوصل ولم يختلفوا في إثباتها في الوقف فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر هذه الحروف كلها بإثبات الهاء في الوصل وكان حمزة يحذفهن في الوصل وكان الكسائي يحذفها في * (يتسنه) * و * (اقتده) * ويثبتها في الباقي ولم يختلفوا في * (حسابيه) * الحاقة 20 26 و * (كتابيه) * الحاقة 19 25 أنهما بالهاء في الوقف والوصل و * (يتسنه) * يحتمل أن يكون من تسنن الشيء إذا تغير وفسد ومنه الحمأ المسنون في قول بعضهم وقال الزجاج ليس منه وإنما المسنون المصبوب على سنة الأرض فإذا كان من تسنن فهو لم تسنن قلبت النون ياء كما فعل في تظننت حتى قلت لم أتظنن فيجيء تسنن تسنى ثم تحذف الياء للجزم فيجيء المضارع لم يتسن ومن قرأها بالهاء على هذا القول فهي هاء السكت وعلى هذا يحسن حذفها في الوصل ويحتمل * (يتسنه) * أن يكون من السنة وهو الجدب والقحط وما أشبهه يسمونه بذلك وقد اشتق منه فعل فقيل استنوا وإذا كان هذا أو من السنة التي هي العام على قول من يجمعها سنوات فعلى هذا أيضا الهاء هاء السكت والمعنى لم تغير طعامك القحوط والجدوب ونحوه أو لم تغيره السنون والأعوام وأما من أنه قال في تصغير السنة سنيهة وفي الجمع سنهات وقال أسنهت عند بني فلان وهي لغة الحجاز ومنها قول الشاعر (وليست بسنهاء ولا رجبية * ولكن عرايا في السنين الجوائح) فإن القراءة على هذه اللغة هي بإثبات الهاء ولا بد وهي لام الفعل وفيها ظهر الجزم ب * (لم) *
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»