المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢٧٨
وقال أبو وائل يكبر من صلاة الظهر يوم عرفة إلى صلاة الظهر يوم النحر ومشهور مذهب مالك أنه يكبر إثر كل صلاة ثلاث تكبيرات وفي المذهب رواية أنه يقال بعد التكبيرات الثلاث لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد وقوله تعالى * (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) * أنه قال ابن عباس والحسن وعكرمة ومجاهد المعنى من نفر في اليوم الثاني من الأيام المعدودات فلا حرج عليه ومن تأخر إلى الثالث فلا حرج عليه فمعنى الآية كل ذلك مباح وعبر عنه بهذا التقسيم اهتماما وتأكيدا إذ كان من العرب من يذم المتعجل وبالعكس فنزلت الآية رافعة للجناح في كل ذلك ومن العلماء من رأى أن التعجل إنما أبيح لمن بعد قطره لا للمكي والقريب إلا أن يكون له عذر قاله مالك وغيره ومنهم من رأى أن الناس كلهم مباح لهم ذلك قاله عطاء وغيره وقال علي بن أبي طالب وابن مسعود وإبراهيم معنى الآية من تعجل فقد غفر له ومن تأخر فقد غفر له واحتجوا بقوله عليه السلام من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من خطاياه كيوم ولدته أمه فقوله تعالى * (فلا إثم عليه) * نفي عام وتبرئة مطلقة وقال مجاهد أيضا معنى الآية من تعجل أو تأخر فلا إثم عليه إلى العام القابل وأسند في هذا القول أثر وقال أبو العالية المعنى في الآية لا إثم عليه لمن اتقى بقية عمره والحاج مغفور له البتة وقال أبو صالح وغيره معنى الآية لا إثم عليه لمن اتقى قتل الصيد وما يجب عليه تجنبه في الحج وقال أيضا لمن اتقى في حجه فأتى به تاما حتى كان مبرورا واللام في قوله * (لمن اتقى) * متعلقة إما بالغفران على بعض التأويلات أو بارتفاع الإثم في الحج على بعضها وقيل بالذكر الذي دل عليه قوله * (واذكروا) * أي الذكر لمن اتقى ويسقط رمي الجمرة الثالثة عمن تعجل وقال ابن أبي زمنين يرميها في يوم النفر الأول حين يريد التعجل قال ابن المواز يرمي المتعجل في يومين بإحدى وعشرين حصاة كل جمرة بسبع حصيات فيصير جميع رميه بتسع وأربعين حصاة قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه لأنه قد رمى جمرة العقبة بسبع يوم النحر قال ابن المواز ويسقط رمي اليوم الثالث وقرأ سالم بن عبد الله * (فلا إثم عليه) * بوصل الألف ثم أمر تعالى بالتقوى وذكر بالحشر الوقوف بين يديه سورة البقرة 204 - 208
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»