المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢٧٣
وقال ابن عمر أيضا ومجاهد وعطاء وإبراهيم الفسوق السباب ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر قال القاضي أبو محمد وعموم جميع المعاصي أولى الأقوال وقال قتادة وغيره الجدال هنا السباب وقال ابن مسعود وابن عباس وعطاء ومجاهد الجدال هنا أن تماري مسلما حتى تغضبه وقال مالك وابن زيد الجدال هنا أن يختلف الناس أيهم صادف موقف إبراهيم عليه السلام كما كانوا يفعلون في الجاهلية حين كانت قريش تقف في غير موقف سائر العرب ثم يتجادلون بعد ذلك وقال محمد بن كعب القرظي الجدال أن تقول طائفة حجنا أبر من حجكم وتقول الأخرى مثل ذلك وقالت فرقة الجدال هنا أن تقول طائفة الحج اليوم وتقول طائفة بل الحج غدا وقيل الجدال كان في الفخر بالآباء وقال مجاهد وجماعة معه الجدال أن تنسىء العرب الشهور حسبما كان النسيء عليه فقرر الشرع وقت الحج وبينه وأخبر أنه حتم لا جدال فيه وهذا أصح الأقوال وأظهرها والجدال مأخوذ من الجدل وهو الفتل كأن كل مجادل يفاتل صاحبه في الكلام وأما ما كان النسيء عليه فظاهر سير ابن إسحاق وغيرها من الدواوين أن الناسىء كان يحل المحرم لئلا تتوالى على العرب ثلاثة أشهر لا إغارة فيها ويحرم صفر وربما سموه المحرم وتبقى سائر الأشهر بأسمائها حتى يأتي حجهم في ذي الحجة على الحقيقة واسند الطبري عن مجاهد أنه أنه قال كانوا يسقطون المحرم ثم يقولون صفران لصفر وشهر ربيع الأول ثم كذلك ينقلون أسماء الشهور ويتبدل وقت الحج في الحقيقة لكنه يبقى في ذي الحجة بالتسمية لا في حقيقة الشهر أنه قال فكان حج أبي بكر سنة تسع في ذي القعدة على الحقيقة ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في ذي الحجة على الحقيقة وحينئذ أنه قال إن الزمان قد استدار الحديث ونزلت * (ولا جدال في الحج) * أي قد تبين أمره فلا ينتقل شهر البتة أبدا وقوله تعالى * (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) * المعنى فيثيب عليه وفي هذا تخصيص على فعل الخير وقوله تعالى * (وتزودوا) * الآية أنه قال ابن عمر وعكرمة ومجاهد وقتادة وابن زيد نزلت الآية في طائفة من العرب كانت تجيء إلى الحج بلا زاد ويقول بعضهم نحن المتوكلون ويقول بعضهم كيف نحج بيت الله ولا يطعمنا فكانوا يبقون عالة على الناس فنهوا عن ذلك وأمروا بالتزود وقال بعض الناس المعنى تزودوا الرفيق الصالح وهذا تخصيص ضعيف والأولى في معنى الآية وتزودوا لمعادكم من الأعمال الصالحة وفي قوله تعالى * (فإن خير الزاد التقوى) * حض على التقوى وخص أولو الألباب بالخطاب وإن كان الأمر يعم الكل لأنهم الذين قامت عليهم حجة الله وهم
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»