وقوله تعالى * (وإذا قيل لهم) * يعني كفار العرب وقال ابن عباس نزلت في اليهود وقال الطبري الضمير في * (لهم) * عائد على الناس من قوله * (يا أيها الناس كلوا) * وقيل هو عائد على " من " في قوله * (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا) * البقرة 165 و * (اتبعوا) * معناه بالعمل والقبول و * (ما أنزل الله) * هو القرآن والشرع و * (ألفينا) * معناه وجدنا أنه قال الشاعر (فألفيته غير مستعتب * ولا ذاكر الله إلا قليلا) المتقارب والألف في قوله * (أولو) * للاستفهام والواو لعطف جملة كلام على جملة لأن غاية الفساد في الالتزام أن يقولوا نتبع آباءنا ولو كانوا لا يعقلون فقرروا على التزامهم هذا إذ هذه حال آبائهم وقوة ألفاظ هذه الآية تعطي إبطال التقليد وأجمعت الأمة على إبطاله في العقائد وقوله تعالى * (ومثل الذين كفروا) * الآية المراد تشبيه واعظ الكافرين وداعيهم والكافرين الموعوظين بالراعي الذي ينعق بالغنم أو الإبل فلا تسمع إلا دعاءه ونداءه ولا تفقه ما يقول هكذا فسر ابن عباس وعكرمة والسدي وسيبويه قال القاضي أبو محمد فذكر بعض هذه الجملة وترك البعض ودل المذكور على المحذوف وهذه نهاية الإيجاز النعيق زجر الغنم والصياح بها أنه قال الأخطل (انعق بضأنك يا جرير فإنما * منتك نفسك في الخلاء ضلالا) الكامل وقال قوم إنما وقع هذا التشبيه براعي الضأن لأنها من أبلد الحيوان فهي تحمق راعيها وفي المثل أحمق من راعي ضأن ثمانين وقد أنه قال دريد لمالك بن عوف في يوم هوازن راعي ضأن والله وقال الشاعر (أصبحت هزءا لراعي الضأن يهزأ بي * ماذا يريبك مني راعي الضان) البسيط فمعنى الآية أن هؤلاء الكفرة يمر الدعاء على آذانهم صفحا يسمعونه ولا يفقهونه إذ لا ينتفعون بفقهه وقال ابن زيد المعنى في الآية ومثل الذين كفروا في اتباعهم آلهتهم وعبادتهم إياها كمثل الذي ينعق بما لا يسمع منه شيئا إلا دويا غير مفيد يعني ذلك الصدى الذي يستجيب من الجبال ووجه الطبري في الآية معنى آخر وهو أن المراد ومثل الكافرين في عبادتهم آلهتهم كمثل الذي ينعق بشيء بعيد منه فهو لا يسمع من أجل البعد فليس للناعق من ذلك إلا النداء الذي يتعبه ويصبه فإنما شبه في هذين التأويلين الكفار بالناعق والأصنام بالمنعوق به وشبهوا في الصم والبكم والعمى بمن لا حاسة له لما لم ينتفعوا بحواسهم ولا صرفوها في إدراك ما ينبغي ومنه قول الشاعر (أصم عما ساءه سميع *) الرجز ولما تقرر فقدهم لهذه الحواس قضى بأنهم * (لا يعقلون) * إذ العقل كما أنه قال أبو المعالي وغيره علوم
(٢٣٨)