المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢٤٩
الضمير في * (بدله) * عائد على الإيصاء وأمر الميت وكذلك في * (سمعه) * ويحتمل أن يعود الذي في * (سمعه) * على أمر الله تعالى في هذه الآية والقول الأول أسبق للناظر لكن في ضمنه أن يكون المبدل عالما بالنهي عامدا لخلافه والضمير في * (إثمه) * عائد على التبديل و * (سميع عليم) * صفتان لا يخفى معهما شيء من جنف الموصين وتبديل المتعدين وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم من موص بفتح الواو وتشديد الصاد وقرأ الباقون بسكون الواو والجنف الميل وقال الأعشى (تجانف عن حجر اليمامة ناقتي * وما قصدت من أهلها لسوائكا) الطويل وقال عامر الرامي الحضرمي المحاربي (هم المولى وقد جنفوا علينا * وإنا من عدواتهم لزور) الوافر ومعنى الآية على ما أنه قال مجاهد من خشي أن يحيف الموصي ويقطع ميراث طائفة ويتعمد الإذاية أو يأتيها دون تعمد وذلك هو الجنف دون إثم وإذا تعمد فهو الجنف في إثم فالمعنى من وعظه في ذلك ورده عنه فصلح بذلك ما بينه ويبن ورثته وما بين الورثة في ذاتهم * (فلا إثم عليه إن الله غفور) * عن الموصي إذا عملت فيه الموعظة ورجع عما أراد من الإذاية * (رحيم) * به وقال ابن عباس رضي الله عنه وقتادة والربيع معنى الآية من خاف أي علم ورأى وأتى علمه عليه بعد موت الموصي أن الموصي خلف وجنف وتعمد إذاية بعض ورثته فأصلح ما وقع بين الورثة من الاضطراب والشقاق فلا إثم عليه أي لا يلحقه إثم المبدل المذكور قبل وإن كان في فعله تبديل ما ولا بد لكنه تبديل لمصلحة والتبديل الذي فيه الإثم إنما هو تبديل الهوى وقرأ عبد الله بن عمر رضي الله عنه فلإثم عليه بحذف الألف و * (كتب) * معناه فرض والصيام في اللغة الإمساك وترك التنقل من حال إلى حال ومنه قول النابغة (خيل صيام وخيل غير صائمة * تحت العجاج وخيل تعلك اللجما) البسيط أي خيل ثابتة ممسكة ومنه قول الله تعالى * (إني نذرت للرحمن صوما) * مريم 26 أي إمساكا عن الكلام ومنه قول امرئ القيس (كأن الثريا علقت في مصامها *) الطويل أي في موضع ثبوتها وامتساكها ومنه قوله
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»