المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٢٤٠
والأجنحة والأرجل أو الطرح في الماء وقال سحنون لا يطرح في ماء بارد وقال أشهب إن مات من قطع رجل أو جناح لم يؤكل لأنها حالة قد يعيش بها وينسل و * (الدم) * يراد به المسفوح لأن ما خالط اللحم فغير محرم بإجماع وفي دم الحوت المزايل للحوت اختلاف روي عن القابسي أنه طاهر ويلزم من طهارته أنه غير محرم وخص ذكر اللحم من الخنزير ليدل على تحريم عينه ذكي أو لم يذك وليعم الشحم وما هنالك من الغضاريف وغيرها وأجمعت الأمة على تحريم شحمه وفي خنزير الماء كراهية أبي مالك أن يجيب فيه وقال أنتم تقولون خنزيرا وذهب أكثر اللغويين إلى أن لفظة الخنزير رباعية وحكى ابن سيده عن بعضهم أنه مشتق من خزر العين لأنه كذلك ينظر فاللفظة على هذا ثلاثية و * (ما أهل به لغير الله) * أنه قال ابن عباس وغيره المراد ما ذبح للأنصاب والأوثان و * (أهل) * معناه صيح ومنه استهلال المولود وجرت عادة العرب بالصياح باسم المقصود بالذبيحة وغلب ذلك في استعمالهم حتى عبر به عن النية التي هي علة التحريم ألا ترى أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه راعى النية في الإبل التي نحرها غالب أبو الفرزدق فقال إنها مما أهل به لغير الله فتركها الناس ورأيت في أخبار الحسن بن أبي الحسن أنه سئل عن امرأة مترفة صنعت للعبها عرسا فذبحت جزورا فقال الحسن لا يحل أكلها فإنها إنما ذبحت لصنم وفي ذبيحة المجوسي اختلاف ومالك لا يجيزها البتة وذبيحة النصراني واليهودي جائزة واختلف فيما حرم عليهم كالطريف والشحم وغيره بالإجازة والمنع وقال ابن حبيب ما حرم عليهم بالكتاب فلا يحل لنا من ذبحهم وما حرموه باجتهادهم فذاك لنا حلال وعند مالك كراهية فيما سمى عليه الكتابي المسيحي أو ذبحه لكنيسته ولا يبلغ بذلك التحريم وقوله تعالى * (فمن اضطر) * الآية ضمت النون للالتقاء اتباعا للضمة في الطاء حسب قراءة الجمهور وقرأ أبو جعفر وأبو السمال * (فمن اضطر) * بكسر الطاء وأصله اضطر فلما أدغم نقلت حركة الراء إلى الطاء وقرأ ابن محيصن فمن اطر بإدغام الضاد في الطاء وكذلك حيث ما وقع في القرآن ومعنى * (أضطر) * ضمه عدم وغرث هذا هو الصحيح الذي عليه جمهور العلماء والفقهاء وقيل معناه أكره وغلب على أكل هذه المحرمات و * (غير باغ) * في موضع نصب على الحال والمعنى فيما أنه قال قتادة والربيع وابن زيد وعكرمة وغيرهم غير قاصد فساد وتعد بأن يجد عن هذه المحرمات مندوحة ويأكلها وهؤلاء يجيزون الأكل منها في كل سفر مع الضرورة وقال مجاهد وابن جبير وغيرهما المعنى غير باغ على المسلمين وعاد عليهم فيدخل في الباغي والعادي قطاع السبل والخارج على السلطان والمسافر في قطع الرحم والغارة على المسلمين وما شاكله ولغير هؤلاء هي الرخصة وقال السدي * (غير باغ) * أي غير متزيد على حد إمساك رمقه وإبقاء قوته فيجيء أكله شهوة * (ولا عاد) * أي متزود وقال مالك رحمه الله يأكل المضطر شبعه وفي الموطأ وهو لكثير من العلماء انه يتزود إذا خشي الضرورة فيما بين يديه من مفازة وفقر وقيل في * (عاد) * أن معناه عايد فهو من المقلوب كشاكي السلاح أصله شايك وكهار أصله هايروكلاث أصله لائث وباغ أصله بايغ استثقلت الكسرة على
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»