وقرأ أبي بن كعب إلا من كان يهوديا وكذبهم الله تعالى وجعل قولهم أمنية وقد قطعوا قبل بقوله * (فتمنوا الموت) * البقرة 94 الجمعة 6 وأمر محمد صلى الله عليه وسلم بدعائهم إلا إظهار البرهان وقيل إن الهاء في * (هاتوا) * أصلية من هاتا يهاتي وأميت تصريف هذه اللفظة كله إلا الأمر منه وقيل هي عوض من همزة آتى وقيل ها تنبيه وألزمت همزة آتى الحذف والبرهان الدليل الذي يوقع اليقين أنه قال الطبري طلب الدليل هنا يقضي بإثبات النظر ويرد على من ينفيه وقول اليهود * (لن) * نفي حسنت بعده * (بلي) * إذ هي رد بالإيجاب في جواب النفي حرف مرتجل لذلك وقيل هي بل زيدت عليها الياء لتزيلها على حد النسق الذي في بل و * (أسلم) * معناه استسلم وخضع ودان ومنه قول زيد ابن عمرو بن نفيل (وأسلمت وجهي لمن أسلمت * له المزن تحمل عذبا زلالا) المتقارب وخص الوجه بالذكر لكونه أشرف ما يرى من الإنسان وموضع الحواس وفيه يظهر العز والذل ولذلك يقال وجه الأمر أي معظمه وأشرفه أنه قال الأعشى (وأول الحكم على وجهه * ليس قضائي بالهوى الجائر) السريع ويصح أن يكون الوجه في هذه الآية المقصد * (وهو محسن) * جملة في موضع الحال وعاد الضمير في * (له) * على لفظ " من " وكذلك في قوله * (أجره) * وعاد في * (عليهم) * على المعنى وكذلك في * (يحزنون) * وقرأ ابن محيصن فلا خوف دون تنوين في الفاء المرفوعة فقيل ذلك تخفيف وقيل المراد فلا الخوف فحذفت الألف واللام والخوف هو لما يتوقع والحزن هو لما قد وقع وقوله تعالى * (وقالت اليهود) * الآية معناه ادعى كل فريق أنه أحق برحمة الله من الآخر وسبب الآية أن نصارى نجران اجتمعوا مع يهود المدينة عند النبي صلى الله عليه وسلم فتسابوا وكفر اليهود بعيسى وبملته وبالإنجيل وكفر النصارى بموسى وبالتوراة قال القاضي أبو محمد وفي هذا من فعلهم كفر كل طائفة بكتابها لأن الإنجيل يتضمن صدق موسى وتقرير التوراة والتوراة تتضمن التبشير بعيسى وصحة نبوته وكلاهما تضمن صدق محمد صلى الله عليه وسلم فعنفهم الله تعالى على كذبهم وفي كتبهم خلاف ما قالوا وفي قوله تعالى * (وهم يتلون الكتاب) * تنبيه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم على ملازمة القرآن والوقوف عند حدوده كما أنه قال الحر بن قيس في عمر بن الخطاب وكان وقافا عند كتاب الله و * (الكتاب) * الذي يتلونه قيل التوراة والإنجيل فالألف واللام للجنس وقيل التوراة لأن النصارى تمتثلها فالألف واللام للعهد سورة البقر 113 - 115
(١٩٨)