المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ١٩٥
صلى الله عليه وسلم خطاب أمته والولي فعيل من ولي إذا جاور ولحق فالناصر والمعين والقائم بالأمر والحافظ كلهم مجاور بوجه ما والنصير فعيل من النصر وهو أشد مبالغة من ناصر وقوله تعالى * (أم تريدون) * قالت فرقة * (أم) * رد على الاستفهام الأول فهي معادلته وقالت فرقة * (أم) * استفهام مقطوع من الأول كأنه أنه قال أتريدون وهذا موجود في كلام العرب وقالت فرقة * (أم) * هنا بمعنى بل وألف الاستفهام أنه قال مكي وغيره وهذا يضعف لأن أم لا تقع بمعنى بل إلا إذا اعترض المتكلم شك فيما يورده قال القاضي أبو محمد وليس كما أنه قال مكي رحمه الله لأن بل قد تكون للإضراب عن اللفظ الأول لا عن معناه وإنما يلزم ما أنه قال على أحد معنيي بل وهو الإضراب عن اللفظ والمعنى ونعم ما أنه قال سيبويه بل هي لترك كلام وأخذ في غيره وقال أبو العالية إن هذه الآية نزلت حين أنه قال بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ليت ذنوبنا جرت مجرى ذنوب بني إسرائيل بتعجيل العقوبة في الدنيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاكم الله خيرا مما أعطى بني إسرائيل وتلا * (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) * النساء 110 قال القاضي أبو محمد فتجيء إضافة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الأمة على هذا حسب الأمر في نفسه وحسب إقرارهم وقال ابن عباس رضي الله عنه إن رافع بن حريملة اليهودي سأل النبي صلى الله عليه وسلم تفجير عيون وغير ذلك وقيل إن كفار قريش سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالله جهرة وقيل سألوه أن يأتي بالله والملائكة قبيلا وقال مجاهد سألوه أن يرد الصفا ذهبا فقال لهم خذوا ذلك كالمائدة لبني إسرائيل فأبوا ونكصوا قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه فتجيء على هذه الأقوال إضافة الرسول إليهم حسب الأمر في نفسه لا على إقرارهم و * (كما سئل موسى) * عليه السلام هو أن يرى الله جهرة وقرأ الحسن بن أبي الحسن وغيره سيل بكسر السين وياء وهي لغة يقال سلت أسال ويحتمل أن يكون من همز أبدل الهمزة ياء على غير قياس ثم كسر السين من أجل الياء وقرأ بعض القراء بتسهيل الهمزة بين الهمزة والياء مع ضم السين وكني عن الإعراض عن الإيمان والإقبال على الكفر بالتبدل وقال أبو العالية الكفر هنا الشدة والإيمان الرخاء قال القاضي أبو محمد وهذا ضعيف إلا أن يريدهما مستعارتين أي الشدة على نفسه والرخاء لها عبارة عن العذاب والتنعيم وأما المتعارف من شدة أمور الدنيا ورخائها فلا تفسر الآية به و * (ضل) * أخطأ الطريق والسواء من كل شيء الوسط والمعظم ومنه قوله تعالى * (في سواء الجحيم) * الصافات 55
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»