وقرأ جمهور الناس ما ننسخ بفتح النون من نسخ وقرأت طائفة ننسخ بضم النون من أنسخ وبها قرأ ابن عامر و حده من السبعة أنه قال أبو علي الفارسي ليست لغة لأنه لا يقال نسخ وأنسخ بمعنى ولا هي لتعدية لأن المعنى يجيء ما نكتب من آية أي ما ننزل فيجيء القرآن كله على هذا منسوخا وليس الأمر كذلك فلم يبق إلا أن يكون المعنى ما نجده منسوخا كما تقول أحمدت الرجل وأبخلته بمعنى وجدته محمودا أو بخيلا أنه قال أبو علي وليس نجده منسوخا إلا بأن ننسخه فتتفق القراءتان في المعنى وإن اختلفتا في اللفظ قال القاضي أبو محمد عبد الحق رحمه الله وقد خرج قراءة هذه القراءة المعنى على وجهين أحدهما أن يكون المعنى ما نكتب وننزل من اللوح المحفوظ أو ما نؤخر فيه ونترك فلا ننزله أي ذلك فعلنا فإنا نأتي بخير من المؤخر المتروك أو بمثله فيجيء الضميران في * (منها) * و * (مثلها) * عائدين على الضمير في * (ننسها) * والمعنى الآخر أن يكون * (ننسخ) * من النسخ بمعنى الإزالة ويكون التقدير ما ننسخك أي نبيح لك نسخة كأنه لما نسخها الله أباح لنبيه تركها بذلك النسخ فسمى تلك الإباحة إنساخا و " ما " شرطية وهي مفعولة ب * (ننسخ) * و * (ننسخ) * جزم بالشرط واختلف القراء في قراءة * (ننسها) * فقرأ نافع وحمزة والكسائي وعاصم وابن عامر وجمهور من الناس ننسها بضم النون الأولى وسكون الثانية وكسر السين وترك الهمزة وهذه من أنسى المنقول من نسي وقرأت ذلك فرقة كما تقدم إلا أنها همزت بعد السين فهذه بمعنى التأخير تقول العرب أنسأت الدين وغيره أنسؤه إنساء إذا أخرته وقرأت طائفة أو ننسها بفتح النون الأولى وسكون الثانية وفتح السين وهذه بمعنى الترك ذكرها مكي ولم ينسبها وذكرها أبو عبيد البكري في كتاب اللآلي عن سعد بن أبي وقاص وأراه وهم وقرأ سعد بن أبي وقاص أو تنسها على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم ونون بعدها ساكنة وفتح السين هكذا أنه قال أبو الفتح وأبو عمرو الداني فقيل لسعد إن سعيد بن المسيب يقرؤها بنون أولى مضمومة وسين مكسورة فقال إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب وتلا * (سنقرئك فلا تنسى) * الأعلى 6 * (واذكر ربك إذا نسيت) * الكهف 24 وقرأ سعيد بن المسيب فيما ذكر عنه أيضا أو تنسها بضم التاء أولا وفتح السين وسكون النون بينهما وهذه من النسيان وقرأ الضحاك بن مزاحم وأبو رجاء ننسها بضم النون الأولى وفتح الثانية وسين مكسورة مشددة وهذه أيضا من النسيان وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن عباس وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وعبيد ابن عمير وابن كثير وأبو عمرو ننسأها بنون مفتوحة وأخرى بعدها ساكنة وسين مفتوحة وألف بعدها مهموزة وهذه من التأخير تقول العرب نسأت الإبل عن الحوض أنسؤها نسأ أي أخرتها وكذلك يقال أنسأ الإبل إذا زاد في ظمئها يوما أو يومين أو أكثر من ذلك بمعنى أخرها عن الورد وقرأت فرقة مثل هذه القراءة إلا أنها بتاء مفتوحة أولا على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم وإسناد الفعل إليه وقرأ أبو حيوة مثل ذلك إلا أنه ضم التاء أولا وقرأ أبي بن كعب أو ننسك بضم النون الأولى وسكون الثانية وسين
(١٩٢)