و ما في موضع رفع والتقدير بئس الشيء قتل واتخاذ عجل وقول * (سمعنا وعصينا) * ويجوز أن تكون ما في موضع نصب و * (إن كنتم مؤمنين) * شرط وقد يأتي الشرط والشارط يعلم أن الأمر على أحد الجهتين كما أنه قال الله تعالى عن عيسى عليه السلام * (إن كنت قلته فقد علمته) * المائدة 116 وقد علم عيسى عليه السلام أنه لم يقله وكذلك * (إن كنتم مؤمنين) * والقائل يعلم أنهم غير مؤمنين لكنه إقامة حجة بقياس بين وقال قوم * (أن) * هنا نافية بمنزلة ما كالتي تقدمت وقرأ الحسن ومسلم بن جندب يأمركم بهو إيمانكم برفع الهاء وقوله تعالى * (قل إن كانت لكم الدار الآخرة) * الآية أمر لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يوبخهم والمعنى إن كان لكم نعيمها وحظوتها وخيرها فذلك يقتضي حرصكم على الوصول إليها * (فتمنوا الموت) * و * (الدار) * اسم * (كانت) * و * (خالصة) * خبرها ويجوز أن يكون نصب * (خالصة) * على الحال و * (عند الله) * خبر كان و * (من دون الناس) * يحتمل أن يراد ب * (الناس) * محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعه ويحتمل أن يراد العموم التام وهو قول اليهود فيما حفظ عنهم وقرأ ابن أبي إسحاق بكسر الواو من تمنوا للالتقاء وحكى الأهوازي عن أبي عمرو أنه قرأ تمنوا الموت بفتح الواو وحكي عن غيره اختلاس الحركة في الرفع وقراءة الجماعة بضم الواو وهذه آية بينة أعطاها الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم لأن اليهود قالت نحن أبناء الله وأحباؤه وشبه ذلك من القول فأمر الله نبيه أن يدعوهم إلى تمني الموت وأن يعلمهم أنه من تمناه منهم مات ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فعلم اليهود صدقه فأحجموا عن تمنيه فرقا من الله لقبح أعمالهم ومعرفتهم بكذبهم في قولهم نحن أبناء الله وأحباؤه وحرصا منهم على الحياة وقيل إن الله تعالى منعهم من التمني وقصرهم على الإمساك عنه لتظهر الآية لنبيه صلى الله عليه وسلم والمراد بقوله تمنوا أريدوه بقلوبكم واسألوه هذا قول جماعة من المفسرين وقال ابن عباس المراد فيه السؤال فقط وإن لم يكن بالقلب وقال أيضا هو وغيره إنما أمروا بالدعاء بالموت على أردأ الحزبين من المؤمنين أو منهم وذكر المهدوي وغيره أن هذه الآية كانت مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وارتفعت بموته والصحيح أن هذه النازلة من موت من تمنى الموت إنما كانت أياما كثيرة عند نزول الآية وهي بمنزلة دعائه النصارى من أهل نجران إلى المباهلة وقالت فرقة إن سبب هذا الدعاء إلى تمني الموت أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد به هلاك الفريق المكذب أو قطع حجتهم لا أن علته قولهم نحن أبناء الله ثم أخبر تعالى عنهم بعجزهم وأنهم لا يتمنونه و * (أبدا) * ظرف زمان وإذا كانت ما بمعنى الذي فتحتاج إلى عائد تقديره قدمته وإذا كانت مع قدمت بمثابة المصدر غنيت عن الضمير هذا قول سيبويه والأخفش يرى الضمير في المصدرية وأضاف ذنوبهم واجترامهم إلى الأيدي وأسند تقديمها إليها إذ الأكثر من كسب العبد الخير والشر إنما هو بيديه فحمل جميع الأشياء على ذلك وقوله تعالى * (والله عليم بالظالمين) * ظاهرها الخبر ومضمنها الوعيد لأن الله عليم بالظالمين وغيرهم ففائدة تخصيصهم حصول الوعيد
(١٨١)