المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ١٨٢
سورة البقرة 96 - 99 وجد في هذا المعنى تتعدى إلى مفعولين لأنها من أفعال النفس ولذلك صح تعديها إلى ضمير المتكلم في قول الشاعر (تلفت نحو الحي حتى وجدتني * وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا) وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الضب إنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه وحرصهم على الحياة لمعرفتهم بذنوبهم وأن لا خير لهم عند الله تعالى وقوله تعالى * (ومن الذين أشركوا) * قيل المعنى وأحرص من الذين أشركوا لأن مشركي العرب لا يعرفون إلا هذه الحياة الدنيا ألا ترى إلى قول امرئ القيس (تمتع من الدنيا فإنك فان *) الطويل والضمير في * (أحدهم) * يعود في هذا القول على اليهود وقيل إن الكلام تم في قوله * (حياة) * ثم استؤنف الإخبار عن طائفة من المشركين أنهم * (يود أحدهم) * وهي المجوس لأن تشميتهم للعاطس لفظ بلغتهم معناه عش ألف سنة فكأن الكلام ومن المشركين قوم * (يود أحدهم) * وفي هذا القول تشبيه بني إسرائيل بهذه الفرقة من المشركين وقصد الألف بالذكر لأنها نهاية العقد في الحساب وقوله تعالى * (وما هو بمزحزحه) * اختلف النحاة في " هو " فقيل هو ضمير الأحد المتقدم الذكر فالتقدير وما أحدهم بمزحزحه وخبر الابتداء في المجرور و * (أن يعمر) * فاعل بمزحزح وقالت فرقة هو ضمير التعمير والتقدير وما التعمير بمزحزحه والخبر في المجرور و * (أن يعمر) * بدل من التعمير في هذا القول وقالت فرقة " هو " ضمير الأمر والشأن وقد رد هذا القول بما حفظ عن النحاة من أن الأمر والشأن إنما يفسر بجملة سالمة من حرف جر وقد جوز أبو علي ذلك في بعض مسائله الحلبيات وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت هو عماد وقيل " ما " عاملة حجازية و " هو " اسمها والخبر في * (بمزحزحه) * والزحزحة الإبعاد والتنحية وفي قوله * (والله بصير بما يعملون) * وعيد والجمهور على قراءة يعملون بالياء من أسفل وقرأ قتادة والأعرج ويعقوب تعملون بالتاء من فوق وهذا على الرجوع إلى خطاب المتوعدين من بني إسرائيل
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»