يكتبوا سحرا وينسبوه إلى سليمان بعد موته وقيل إن الجن كتبت ذلك بعد موت سليمان واختلقته ونسبته إليه وقيل إن الجن والإنس حين زال ملك سليمان عنه اتخذ بعضهم السحر والكهانة علما فلما رجع سليمان إلى ملكه تتبع كتبهم في الآفاق ودفنها فلما مات أنه قال شيطان لبني إسرائيل هل أدلكم على كنز سليمان الذي به سخرت له الجن والريح هو هذا السحر فاستخرجته بنو إسرائيل وانبث فيهم ونسبوا سليمان إلى السحر وكفروا في ذلك حتى برأه الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر سليمان في الأنبياء أنه قال بعض اليهود انظروا إلى محمد يذكر سليمان في الأنبياء وما كان إلا ساحرا وقوله تعالى * (وما كفر سليمان) * تبرئة من الله تعالى لسليمان ولم يتقدم في الآيات أن أحدا نسبه إلى الكفر ولكنها آية نزلت في السبت المتقدم أن اليهود نسبته إلى السحر السحر والعمل به كفر ويقتل الساحر عند مالك رضي الله عنه كفرا ولا يستتاب كالزنديق وقال الشافعي يسأل عن سحره فإن كان كفرا استتيب منه فإن تاب وإلا قتل وقال مالك فيمن يعقد الرجال عن النساء يعاقب ولا يقتل واختلف في ساحر أهل الذمة فقيل يقتل وقال مالك لا يقتل إلا إن قتل بسحره ويضمن ما جنى ويقتل إن جاء منه بما لم يعاهد عليه وقرأ نافع وعاصم وابن كثير وأبو عمرو بتشديد النون من لكن ونصب الشياطين وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر بتخفيف النون ورفع الشياطين أنه قال بعض الكوفيين التشديد أحب إلي إذا دخلت عليها الواو لأن المخففة بمنزلة بل وبل لا تدخل عليها الواو وقال أبو علي ليس دخول الواو عليها معنى يوجب التشديد وهي مثقلة ومخففة بمعنى واحد إلا أنها لا تعمل إذا خففت وكفر الشياطين إما بتعليمهم السحر وإما بعلمهم به وإما بتكفيرهم سليمان به وكل ذلك كان والناس المعلمون أتباع الشياطين من بني إسرائيل و * (السحر) * مفعول ثان ب * (يعلمون) * وموضع * (يعلمون) * نصب على الحال أو رفع على خبر ثان وقوله تعالى * (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) * " ما " عطف على * (السحر) * فهي مفعولة وهذا على القول بأن الله تعالى أنزل السحر على الملكين فتنة للناس ليكفر من اتبعه ويؤمن من تركه أو على قول مجاهد وغيره إن الله تعالى أنزل على الملكين الشيء الذي يفرق به بين المرء وزوجه دون السحر أو على القول إنه تعالى أنزل السحر عليهما ليعلم على جهة التحذير منه والنهي عنه قال القاضي أبو محمد رحمه الله والتعليم على هذا القول إنما هو تعريف يسير بمبادئه وقيل إن " ما " عطف على " ما " في قوله * (ما تتلو) * وقيل " ما " نافية رد على قوله * (وما كفر سليمان) * وذلك أن اليهود قالوا إن الله أنزل جبريل وميكائل بالسحر فنفى الله ذلك وقرأ ابن عباس والحسن والضحاك وابن أبزى الملكين بكسر اللام وقال ابن أبزى هما داود وسليمان وعلى هذا القول أيضا ف " ما " نافية وقال الحسن هما علجان كانا ببابل ملكين * (فما) * على هذا القول غير نافية وقرأها كذلك أبو الأسود الدؤلي وقال هما * (هاروت وماروت) * فهذا كقول الحسن و * (بابل) * لا ينصرف للتأنيث والتعريف وهي قطر من الأرض واختلف أين هي فقال قوم هي
(١٨٦)