المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ١٧٥
عمرو ومعنى ذلك على كل قراءة تتعاونون وهو مأخوذ من الظهر كأن المتظاهرين يسند كل واحد منهما ظهره إلى صاحبه والإثم العهد الراتبة على العبد من المعاصي والمعنى بمكتسبات الإثم * (والعدوان) * تجاوز الحدود والظلم وحسن لفظ الإتيان من حيث هو في مقابلة الإخراج فيظهر التضاد المقبح لفعلهم في الإخراج وقرأ حمزة أسرى تفدوهم وقرأ نافع وعاصم الكسائي أسارى تفادوهم وقرأ أبو عمرو وابن عامر وابن كثير أسارى تفدوهم وقرأ قوم أسرى تفادوهم و * (أسارى) * جمع أسير والأسير مأخوذ من الأسر وهو الشد سمي بذلك لأنه يؤسر أي يشد وثاقا ثم كثر استعماله حتى لزم وإن لم يكن ثم ربط ولا شد وأسير فعيل بمعنى مفعول ولا يجمع بواو ونون وإنما يكسر على أسرى وأسارى والأقيس فيه أسرى لأن فعيلا بمعنى مفعول الأصل فيه أن يجمع على فعلى كقتلى وجرحى والأصل في فعلان أن يجمع على فعالى بفتح الفاء وفعالى بضمها كسكران وكسلان وسكارى وكسالى أنه قال سيبويه فقالوا في جمع كسلان كسلى شبهوه بأسرى كما قالوا * (أسارى) * شبهوه بكسالى ووجه الشبه أن الأسر يدخل على المرء مكرها كما يدخل الكسل وفعالى إنما يجيء فيما كان آفة تدخل على المرء و * (تفادوهم) * معناه في اللغة تطلقونهم بعد أن تأخذوا عنهم شيئا قاله أبو علي أنه قال القاضي أبو محمد رحمه الله وفاديت نفسي إذا أطلقتها بعد أن دفعت شيئا فعلى هذا قد تجيء بمعنى فديت أي دفعت فيه من مال نفسي ومنه قول العباس للنبي صلى الله عليه وسلم أعطني فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا وهما فعلان يتعديان إلى مفعولين الثاني منهما بحرف جر تقول فديت زيدا بمال وفاديته بمال وقال قوم هي في قراءة تفادوهم مفاعلة في أسرى بأسرى أنه قال أبو علي كل واحد من الفريقين فعل الأسر دفع الأسير والمأسور منه دفع أيضا إما أسيرا وإما غيره والمفعول الثاني محذوف وقوله تعالى * (وهو محرم) * قيل في " هو " إنه ضمير الأمر تقديره والأمر محرم عليكم و * (إخراجهم) * في هذا القول بدل من " هو " وقيل " هو " فاصلة وهذا مذهب الكوفيين وليست هنا بالتي هي عماد و * (محرم) * على هذا ابتداء و * (إخراجهم) * خبره وقيل هو الضمير المقدر في * (محرم) * قدم وأظهر وقيل هو ضمير الإخراج تقديره وإخراجهم محرم عليكم وقوله تعالى * (أفتؤمنون ببعض الكتاب) * يعني التوراة والذي آمنوا به فداء الأسارى والذي كفروا به قتل بعضهم بعضا وإخراجهم من ديارهم وهذا توبيخ لهم وبيان لقبح فعلهم وروي أن عبد الله بن سلام مر على رأس الجالوت بالكوفة وهو يفادي من النساء من لم تقع عليه العرب ولا يفادي من وقع عليه فقال له ابن سلام أما إنه مكتوب عندك في كتابك أن تفاديهن كلهن ثم توعدهم عز وجل والخزي الفضيحة والعقوبة يقال خزي الرجل يخزى خزيا إذا ذل من الفضيحة وخزي يخزى خزاية إذا ذل واستحيا واختلف ما المراد بالخزي ها هنا فقيل القصاص فيمن قتل وقيل ضرب الجزية عليهم غابر الدهر وقيل قتل قريظة وإجلاء النضير وقيل الخزي الذي توعد به الأمة وهو غلبة العدو والدنيا مأخوذة من دنا يدنو وأصل الياء فيها واو ولكن أبدلت فرقا بين الأسماء والصفات وأشد العذاب الخلود في جهنم وقرأ الحسن وابن هرمز تردون بتاء
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»