المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ١٧٤
وقوله تعالى * (ثم أقررتم) * أي خلفا بعد سلف أن هذا الميثاق أخذ عليكم والتزمتموه فيتجه في هذه اللفظة أن تكون من الإقرار الذي هو ضد الجحد وتتعدى بالباء وأن تكون من الإقرار الذي هو إبقاء الأمر على حاله أي أقررتم هذا الميثاق ملتزما وقوله * (وأنتم تشهدون) * قيل الخطاب يراد به من سلف منهم والمعنى وأنتم شهود أي حضور أخذ الميثاق والإقرار وقيل إن المراد من كان في مدة محمد صلى الله عليه وسلم والمعنى وأنتم شهداء أي بينة أن هذا الميثاق أخذ على أسلافكم فمن بعدهم سورة البقرة 85 * (هؤلاء) * دالة على أن المخاطبة للحاضرين لا تحتمل ردا إلى الأسلاف قيل تقدير الكلام يا هؤلاء فحذف حرف النداء ولا يحسن حذفه عند سيبويه مع المبهمات لا تقول هذا أقبل وقيل تقديره أعني هؤلاء وقيل * (هؤلاء) * بمعنى الذين فالتقدير ثم أنتم الذين تقتلون ف * (تقتلون) * صلة * (لهؤلاء) * ونحوه أنه قال يزيد بن مفرغ الحميري (عدس ما لعباد عليك إمارة * نجوت وهذا تحملين طليق) وقال الأستاذ الأجل أبو الحسن بن أحمد شيخنا رضي الله عنه * (هؤلاء) * رفع بالابتداء و * (أنتم) * خبر مقدم و * (تقتلون) * حال بها تم المعنى وهي كانت المقصود فهي غير مستغنى عنها وإنما جاءت بعد أن تم الكلام في المسند والمسند إليه كما تقول هذا زيد منطلقا وأنت قد قصدت الإخبار بانطلاقه لا الإخبار بأن هذا هو زيد وهذه الآية خطاب لقريظة والنضير وبني قينقاع وذلك أن النضير وقريظة حالفت الأوس وبني قينقاع حالفت الخزرج فكانوا إذا وقعت الحرب بين بني قيلة ذهبت كل طائفة من بني إسرائيل مع أحلافها فقتل بعضهم بعضا وأخرج بعضهم بعضا من ديارهم وكانوا مع ذلك يفدي بعضهم أسرى بعض اتباعا لحكم التوراة وهم قد خالفوها بالقتال والإخراج وقرأ الحسن بن أبي الحسن تقتلون بضم التاء الأولى وكسر الثانية وشدها على المبالغة والديار مباني الإقامة وقال الخليل محلة القوم دارهم وقرأ حمزة وعاصم والكسائي تظاهرون بتخفيف الظاء وهذا على حذف التاء الثانية من تتظاهرون وقرأ بقية السبعة تظاهرون بشد الظاء على إدغام التاء في الظاء وقرأ أبو حيوة تظهرون بضم التاء وكسر الهاء وقرأ مجاهد وقتادة تظهرون بفتح التاء وشد الظاء والهاء مفتوحة دون ألف ورويت هذه عن أبي
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»