أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٤١٩
وفؤاده يرجف حتى دخل على خديجة فقال زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة أي خديجة ما لي لقد خشيت على نفسي فأخبرها الخبر فقالت خديجة كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا فوالله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل وهو ابن عم خديجة أخو أبيها وكان أمرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني ويكتب الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت خديجة يا بن عم اسمع من ابن أخيك قال ورقة يا بن أخي ماذا ترى فأخبره النبي خبر ما رأى فقال ورقة هذا الناموس الذي أنزل على موسى ليتني فيها جذعا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك قال رسول الله أو مخرجي هم قال ورقة نعم لم يأت أحد بما جئت به إلا أوذي وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله قال محمد بن شهاب فأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال قال رسول الله وهو يحدث عن فترة الوحي قال في حديثه بينا أنا أمشي سمعت صوتا فرفعت رأسي فإذا الملك الذي قد جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ففزعت منه فرجعت فقلت زملوني دثروني فدثروه فأنزل الله تبارك وتعالى (* (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر) *) قال أبو سلمة وهي الأوثان التي كانت الجاهلية تعبدها ثم تتابع الوحي الآية الثانية قوله تعالى (* (خلق الإنسان من علق) *) الآية 2 فيها دليل على أن الإنسان مخلوق من العلق وأنه قبل أن يكون علقة ليس بإنسان وقد بينا ذلك في غير موضع
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»