أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٤٢٢
به معرفة العرب وأقل العرب به معرفة الحجازيون وأعدم الحجازيين به معرفة المصطفى صرفه عن عمله ليكون ذلك أثبت لمعجزته وأقوى في حجته المسألة الثالثة ولكل أمة تقطيع في الأصوات على نظام يعبر عما في النفس ولهم صورة في الخط تعبر عما يجري به اللسان وفي اختلاف ألسنتكم وألوانكم دليل قاطع على ربكم القادر العليم الحكيم الحاكم وأم اللغات وأشرفها العربية لما هي عليه من إيجاز اللفظ وبلوغ المعنى وتصريف الأفعال وفاعليها ومفعوليها كلها على لفظ واحد الحروف واحدة والأبنية ف الترتيب مختلفة وهذه قدرة وسيعة وآية بديعة المسألة الرابعة لكل أمة حروف مصورة بالقلم موضوعة على الموافقة لما في نفوسهم من الكلم على حسب مراتب لغاتهم من عبراني ويوناني وفارسي وغير ذلك من أنواع اللغات أو عربي وهو أشرفها وذلك كله مما علم الله لآدم عليه السلام حسبما جاء في القرآن في قوله (* (وعلم آدم الأسماء كلها) *) البقرة 31 فلم يبق شيء إلا وعلم الله سبحانه آدم اسمه بكل لغة وذكره آدم للملائكة كما علمه وبذلك ظهر فضله وعظم قدره وتبين علمه وثبتت نبوته وقامت حجة الله على الملائكة وحجته وامتثلت الملائكة لما رأت من شرف الحال ورأت من جلال القدرة وسمعت من عظيم الأمر ثم توارثت ذلك ذريته خلفا بعد سلف وتناقلوه قوما عن قوم تحفظه أمة وتضيعه أخرى والبارئ سبحانه يضبط على الخلق بالوحي منه ما شاء على من شاء من الأمم على مقاديرها ومجرى حكمه فيها حتى جاء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وتعلم العربية من جيرته جرهم وزوجوه فيهم واستقر بالحرم فنزل عليه جبريل فعلمه العربية غضة طرية وألقاها إليه صحيحة فصيحة سوية واستطرب على الأعقاب في الأحقاب إلى أن وصلنا إلى محمد فشرف وشرفت بالقرآن العظيم وأوتي جوامع الكلام وظهرت حكمته وحكمه وأشرق على الآفاق فهمه وعلمه والحمد لله
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»