أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٤١٦
فهذا يدلك على أن الإنسان أحسن خلق الله باطنا وهو أحسن خلق الله ظاهرا جمال هيئة وبديع تركيب الرأس بما فيه والصدر بما جمعه والبطن بما حواه والفرج وما طواه واليدان وما بطشتاه والرجلان وما احتملتاه ولذلك قالت الفلاسفة إنه العالم الأصغر إذ كل ما في المخلوقات أجمع فيه هذا على الجملة وكيف على التفصيل بتناسب المحاسن فهو أحسن من الشمس والقمر بالعينين جميعا وقد بينا القول في ذلك في كتاب المشكلين وبهذه الصفات الجليلة التي ركب عليها الإنسان استولى على جماعة الكفران وغلب على طائفة الطغيان حتى قال أنا ربكم الأعلى وحين علم الله هذا من عبده وقضاؤه صادر من عنده رده أسفل سافلين وهي الآية الرابعة بأن جعله مملوءا قذرا مشحونا نجاسة وأخرجها على ظاهره إخراجا منكرا على وجه الاختيار تارة وعلى وجه الغلبة أخرى حتى إذا شاهد ذلك من أمره رجع إلى قدره الآية الخامسة قوله تعالى (* (أليس الله بأحكم الحاكمين) *) الآية 8 قد روى الترمذي وغيره عن أبي هريرة أن النبي قال إذا قرأ أحدكم أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ومن رواية غيره إذا قرأ أحدكم أو سمع (* (أليس الله بأحكم الحاكمين) * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) فليقل بلى وهذه أخبار ضعيفة أما إن ذلك يتعين في الاعتقاد لأجل ما يلزم في فهم القرآن
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»