أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ٩٣
ترطب ومن حين ترطب إلى أن تطلع والحين ستة أشهر ثم قال يقول الله (* (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) *) ومن الحين المجهول قوله (* (ولتعلمن نبأه بعد حين) *) [ص 88] قال القاضي الذي اختاره مالك في الصحيح سنة واختار أبو حنيفة ستة أشهر وتباين العلماء والأصحاب من كل باب على حال احتمال اللفظ؛ وأصل المسألة الذي تدور عليه أن الحين المجهول لا يتعلق به حكم والحين المعلوم هو الذي تتعلق به الأحكام ويرتبط به التكليف وأكثر المعلوم سنة ومالك يرى في الأيمان والأحكام أعم الأسماء والأزمنة وأكثرها استظهارا والشافعي يرى الأقل؛ لأنه المتعين وأبو حنيفة توسط فقال ستة أشهر ولا معنى لقوله؛ لأن المقدرات عنده لا تثبت قياسا وليس فيه نص عن صاحب الشريعة؛ وإنما المعول على المعنى بعد معرفة مقتضى اللفظ لغة وهو أمر يختلف باختلاف الأمثلة؛ ونحن نضرب في ذلك الأمثلة ما نبين به المقصود وذلك ثلاثة أمثلة المثل الأول فنقول إذا نذر أن يصلي حينا فيحتمل ركعة عند الشافعي؛ لأنه أقل النافلة وركعتين عند المالكية؛ لأنهما أقل النافلة فيتقدر الزمان بقدر الفعل المثال الثاني إذا نذر أن يصوم حينا فيحتمل يوما لا أقل منه؛ لأنه معيار الصوم [الشرعي]؛ إذ هي عبادة تتقدر بالزمان لا بالأفعال؛ لأنه ترك فلا يحده إلا الوقت بخلاف الفعل فإنه يحد نفسه ويحتمل الدهر ويحتمل سنة فرأى الشافعي يوما أخذا بالأقل وألزم مالك الدهر لأنه الأكثر وتركه مالك للعلة التي أشار إليها من أنه مجهول ويلزمه أن يقضي به وإن كان مجهولا لأنه عنده أنه لو قال علي صوم الدهر لزمه وتوسط فقال سنة فإنه عدل بين الأقل والأكثر وبين في كتاب
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»