أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ٥٩٥
ويحتمل أن يكون سكت منتظرا بيانا فنزلت الآية بالتحليل والتخيير فاختار تركها وزوجها من غيره ويحتمل أن يكون سكت ناظرا في ذلك حتى قام الرجل لها طالبا وقد روى مسلم عن عائشة أنها قالت كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله وقالت أما تستحي امرأة أن تهب نفسها حتى أنزل الله (* (ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء) *) فقلت ما أرى ربك إلا يسارع في هواك فاقتضى هذا اللفظ أن من وهبت نفسها للنبي عدة ولكنه لم يثبت عندنا أنه تزوج منهن واحدة أم لا المسألة السادسة عشرة قوله (* (وامرأة) *)) المعنى أحللنا لك امرأة تهب نفسها من غير صداق فإنه أحل له في الآية قبلها أزواجه اللاتي آتى أجورهن وهذا معنى يشاركه فيه غيره فزاده فضلا على أمته أن أحل له الموهوبة ولا تحل لأحد غيره المسألة السابعة عشرة قوله (* (مؤمنة) *)) وهذا تقييد من طريق التخصيص بالتعليل والتشريف لا من طريق دليل الخطاب حسبما تقدم بيانه في أصول الفقه وفي هذا الكتاب في أمثال هذا الكلام أن الكافرة لا تحل له قال إمام الحرمين وقد اختلف في تحريم الحرة الكافرة عليه قال ابن العربي والصحيح عندي تحريمها عليه وبهذا يتميز علينا فإنه ما كان من جانب الفضائل والكرامة فحظه فيه أكثر وما كان من جانب النقائص فجانبه عنها أظهر فجوز لنا نكاح الحرائر من الكتابيات وقصر هو لجلالته على المؤمنات وإذا كان لا يحل له من لم يهاجر لنقصان فضل الهجرة فأحرى ألا تحل له الكتابية الحرة لنقصان الكفر
(٥٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 ... » »»