وقد قال الله له (* (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه) *) طه 131 والسناء أفتن الزهرات وأنشر الرياحين فيخالف هذا في المطلقات فكيف في المنكوحات المحبوسات وإنما كان الحديث أنها لما استقرت عند زيد جاءه جبريل إن زينب زوجك ولم يكن بأسرع أن جاءه زيد يتبرأ منها فقال له اتق الله وأمسك عليك زوجك فأبى زيد إلا الفراق وطلقها وانقضت عدتها وخطبها رسول الله على يدي مولاه زوجها وأنزل الله القرآن المذكور فيه خبرهما هذه الآيات التي تلوناها وفسرناها فقال واذكر يا محمد إذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله في فراقها وتخفي في نفسك ما الله مبديه يعني من نكاحك لها وهو الذي أبداه لا سواه وقد علم النبي أن الله تعالى إذ أوحى إليه أنها زوجته لا بد من وجود هذا الخبر وظهوره لأن الذي يخبر الله عنه أنه كائن لا بد أن يكون لوجوب صدقه في خبره هذا يدلك على براءته من كل ما ذكره متسور من المفسرين مقصور على علوم الدين فإن قيل فلأي معنى قال له النبي أمسك عليك زوجك وقد أخبره الله أنها زوجته لا زوج زيد قلنا هذا لا يلزم ولكن لطيب نفوسكم نفسر ما خطر من الإشكال فيه إنه أراد أن يختبر منه ما لم يعلمه الله به من رغبته فيها أو رغبته عنها فأبدى له زيد من النفرة عنها والكراهية فيها ما لم يكن علمه منه في أمرها فإن قيل فكيف يأمره بالتمسك بها وقد علم أن الفراق لا بد منه وهذا تناقض قلنا بل هو صحيح للمقاصد الصحيحة لإقامة الحجة ومعرفة العاقبة ألا ترى أن الله يأمر العبد بالإيمان وقد علم أنه لا يؤمن فليس في مخالفة متعلق الأمر لمتعلق العلم ما يمنع من الأمر به عقلا وحكما وهذا من نفيس العلم فتيقنوه وتقبلوه
(٥٧٨)