والطرائف النجيبة تشتمل على جملة ضرائبه والقرناء الأفراد يحيون له والأصحاب الأمجاد ينتقون له من كل طاهر الجيب سالم عن العيب بريء من الريب يأخذونه عن العزلة وينقلونه عن الوحدة فلا ينتقل إلا من كرامة إلى كرامة ولا يتنزل إلا منازل السلامة حتى فجئ بالحيي نقابا أكرم الخلق سليقة وأصحابا وكانت عصمته من الله فضلا لا استحقاقا إذ لا يستحق عليه شيئا رحمة لا مصلحة كما تقوله القدرية للخلق بل مجرد كرامة له ورحمة به وتفضل عليه واصطفاء له فلم يقع قط لا في ذنب صغير حاشا لله ولا كبير ولا وقع في أمر يتعلق به لأجله نقص ولا تعيير وقد مهدنا ذلك في كتب الأصول وهذه الروايات كلها ساقطة الأسانيد إنما الصحيح منها ما روي عن عائشة أنها قالت لو كان رسول الله كاتما من الوحي شيئا لكتم هذه الآية (* (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) *) يعني بالإسلام (* (وأنعمت عليه) *) يعني بالعتق فأعتقته (* (أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) *) إلى قوله (* (وكان أمر الله مفعولا) *) وإن رسول الله لما تزوجها قالوا تزوج حليلة ابنه فأنزل الله تعالى (* (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) *) وكان رسول الله تبناه وهو صغير فلبث حتى صار رجلا يقال له زيد بن محمد فأنزل الله تعالى (* (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) *) الأحزاب 5 فلان مولى فلان وفلان أخو فلان هو أقسط عند الله يعني أنه أعدل عند الله قال القاضي وما وراء هذه الرواية غير معتبر فأما قولهم إن النبي رآها فوقعت في قلبه فباطل فإنه كان معها في كل وقت وموضع ولم يكن حينئذ حجاب فكيف تنشأ معه وينشأ معها ويلحظها في كل ساعة ولا تقع في قلبه إلا إذا كان لها زوج وقد وهبته نفسها وكرهت غيره فلم تخطر بباله فكيف يتجدد له هوى لم يكن حاشا لذلك القلب المطهر من هذه العلاقة الفاسدة
(٥٧٧)