المسألة السادسة من المذموم في الشعر التكلم من الباطل بما لم يفعله المرء رغبة في تسلية النفس وتحسين القول روي أن النعمان بن علي بن نضلة كان عاملا لعمر بن الخطاب فقال (ألا هل أتى الحسناء أن خليلها * بميسان يسقى في زجاج وحنتم) (إذا شئت غنتني دهاقين قرية * ورقاصة تجذو على كل منسم) (فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني * ولا تسقني بالأصغر المتثلم) (لعل أمير المؤمنين يسوءه * تنادمنا بالجوسق المتهدم) فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه بالقدوم عليه وقال إني والله يسوءني ذلك فقال له يا أمير المؤمنين ما فعلت شيئا مما قلت وإنما كانت فضلة من القول وقد قال الله تعالى (* (والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون) *) فقال له عمر أما عذرك فقد درأ عنك الحد ولكن لا تعمل لي عملا أبدا المسألة السابعة وقد كشف الخليفة العدل عمر بن عبد العزيز حقيقة أحوال الشعراء وكشف سرائرهم وانتحى معايبهم في أشعارهم فروي أنه لما استخلف عمر بن عبد العزيز رحمه الله وفدت إليه الشعراء كما كانت تفد إلى الخلفاء قبله فأقاموا ببابه أياما لا يأذن لهم بالدخول حتى قدم عدي بن أرطأة على عمر بن عبد العزيز وكانت له مكانة فتعرض له جرير فقال (يا أيها الرجل المزجي مطيته * هذا زمانك إني قد خلا زمني) (أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه * أني لدى الباب كالمصفود في قرن) (وحش المكانة من أهلي ومن ولدي * نائي المحلة عن داري وعن وطني)
(٤٦٥)