عليه أو تغير بطحلب أو بورق شجر ينبت عليه لا يمكن الاحتراز منه فاتفق العلماء على أن ذلك لا يمنع من الوضوء به لعدم الاحتراز منه وقد روى ابن وهب عن مالك أن غيره أولى منه يعني إذا وجده فإذا لم يجد سواه استعمله لأن ما يغلب عليه المرء في باب التكليف ولا يمكنه التوقي منه فإنه ساقط الاعتبار شرعا ولذلك لما كان العبد لا يستطيع النزوع عن صغائر الذنوب ولا يمكن بشرا الاحتراز منها لم تؤثر في عدالته ولما كانت الكبائر يمكن التوقي منها والاحتراز عنها قدحت في العدالة والأمانة وكذلك العمل الكثير في الصلاة لما كان الاحتراز منه ممكنا بطلت الصلاة به ولما كان العمل اليسير لا يمكن الاحتراز منه كالالتفات بالرأس وحده والمراوحة بين الأقدام وتحريك الأجفان وتقليب اليد لم يؤثر ذلك في الصلاة وهذه قاعدة الشريعة في باب التكليف كله فعليه خرج تغير الماء بما يغلب عليه عن تغيره بما لا يغلب عليه المسألة السادسة لما وصف الله الماء بأنه طهور وامتن بإنزاله من السماء ليطهرنا به دل على اختصاصه بذلك وكذلك قال لأسماء بنت الصديق في دم الحيض يصيب الثوب حتيه ثم اقرضيه ثم اغسليه بالماء فلذلك لم يلحق غير الماء بالماء لوجهين أحدهما ما في ذلك من إبطال فائدة الامتنان والثاني لأن غير الماء ليس بمطهر بدليل أنه لا يرفع الحدث والجنابة فلا يزيل النجس وقال بعض علمائنا وأهل العراق إن كل مائع طاهر يزيل النجاسة وهذا غلط لأن ما لا يدفع النجاسة عن نفسه فكيف يدفعها عن غيره
(٤٤١)