المسألة السادسة قوله تعالى (* (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم) *)) يعني يطلبون الكتاب يريد المكاتبة على مال يدفعونه إلى ساداتهم فافعلوا ذلك لهم فذكر الله طلب العبد للمكاتبة وأمر السيد بها حينئذ وهي حالتان الأولى أن يطلبها العبد ويجيبه السيد فهذا مطلق الآية وظاهرها الثانية أن يطلبها العبد ويأباها السيد وفيه قولان الأول لعكرمة وعطاء أن ذلك واجب على السيد وقال سائر علماء الأمصار لا يجب ذلك عليه وتعلق من أوجبها بمطلق قوله تعالى (* (فكاتبوهم) *) وافعل بمطلقه على الوجوب حتى يأتي الدليل بغيره وهذه مسألة أصولية قد بيناها في أصول الفقه ولا نسلمها لهم بل نقول إن لفظ افعل لاقتضاء الفعل والوجوب يكون بتعلق الذم بتركه والاقتضاء يستقل به الاستحباب فأين دليل الوجوب وهذا هو الأصل الذي لا مزعزع له أما إن من علمائنا المتمرسين بالفقه سلموا أن مطلق افعل على الوجوب وادعوا أن الدليل هاهنا قد قام على سقوط الوجوب من ثلاثة أوجه الأول أن الكتابة إذا طلبها العبد ففيها إخراج ملك السيد من يده بغير اختياره ولا أصل لذلك في الشريعة بل أصول الشريعة كلها تقتضي ألا يخرج ملك أحد عن يديه إلا باختيار وما جاء بخلاف الأصول لا يلتفت إليه وهذا لا يلزم لأن الآية عندنا أو الحديث إذا جاء بخلاف الأصول فهو أصل بنفسه ويرجع إليه في بابه ويجري على حكمه كما بيناه في مسائل المضرات من كتب الخلاف وفي تعارض الأدلة من كتب أصول الفقه الثاني قالوا إنما يكون مطلق الأمر يقتضي الوجوب إذا تعرى عن قرينة وهاهنا قرينة تقتضي صرفه عن الوجوب وهو تعليقه بشرط علم الخير فيه فتعلق الوجوب على أمر باطن وهو علم السيد بالخير فيه
(٣٩٧)