النبي لا أن النبي قاله وذلك أن النبي كان إذا قرأ تلا قرآنا مقطعا وسكت في مقاطع الآي سكوتا محصلا وكذلك كان حديثه مترسلا متأنيا فيتبع الشيطان تلك السكتات التي بين قوله (* (ومناة الثالثة الأخرى) *) النجم 2 وبين قوله تعالى (* (ألكم الذكر وله الأنثى) *) النجم 21 فقال يحاكي صوت النبي وإنهن الغرانقة العلا وإن شفاعتهن لترتجى فأما المشركون والذين في قلوبهم مرض لقلة البصيرة وفساد السريرة فتلوها عن النبي ونسبوها بجهلهم إليه حتى سجدوا معه اعتقادا أنه معهم وعلم الذين أوتوا العلم والإيمان أن القرآن حق من عند الله فيؤمنون به ويرفضون غيره وتجيب قلوبهم إلى الحق وتنفر عن الباطل وكل ذلك ابتلاء من الله ومحنة فأين هذا من قولهم وليس في القرآن إلا غاية البيان بصيانة النبي في الإسرار والإعلان عن الشك والكفران وقد أوعدنا إليكم توصية أن تجعلوا القرآن إمامكم وحروفه أمامكم فلا تحملوا عليها ما ليس فيها ولا تربطوا فيها ما ليس منها وما هدي لهذا إلا الطبري بجلالة قدره وصفاء فكره وسعة باعه في العلم وشدة ساعده وذراعه في النظر وكأنه أشار إلى هذا الغرض وصوب على هذا المرمى فقرطس بعدما ذكر في ذلك روايات كثيرة كلها باطلة لا أصل لها ولو شاء ربك لما رواها أحد ولا سطرها ولكنه فعال لما يريد عصمنا الله وإياكم بالتوفيق والتسديد وجعلنا من أهل التوحيد بفضله ورحمته الآية الخامسة عشرة قوله تعالى (* (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) *) الآية 77 حملها كما تقدم بياننا له قوم على أنها سجدة تلاوة فسجدوها وقال آخرون هو سجود الصلاة فقصروه عليه ورأى عمر أنها سجدة تلاوة وإني لأسجد بها وأراها كذلك لما روى ابن وهب
(٣٠٧)