أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٥
جميعا يتركان لأنهما مستحبان لم يتصور شرعا فإنه ليس وراء ذلك إلا إتلافها وذلك لا يجوز فلا يصح استحبابهما معا وإنما يقال أحدهما واجب على البدل أو يقال الأكل مستحب والإطعام واجب كما قال مالك والأصح عندي أن الأكل واجب وقد احتج علماؤنا بأمثلة وردت بصيغة الأمر ولم تكن واجبة وليس في ذلك حجة لأنه إذا سقط أمر بدليل لا يسقط غيره بغير دليل المسألة العاشرة إذا أكل من لحم الهدي الذي لا يحل له أكله ففيه لعلمائنا قولان أحدهما ما وقع في المدينة أنه إن كان جهل فليستغفر الله ولا شيء عليه قال مالك وقد كان ناس من أهل العلم يقولون يأكل منه وقال في المشهور من مذهبنا إنه إذا أكل من جزاء الصيد أو فدية الأذى بعد أن بلغ محلته غرم وماذا يغرم قولان أحدهما يضمن الهدي كله قاله ابن الماجشون الثاني ليس عليه إلا غرم قدر ما أكل وهذا هو الحق لا شيء غيره وكذا لو نذر هدي المساكين فأكل منه بعد أن بلغ محله لا يغرم إلا ما أكل خلافا للمدونة لأن الصحيح عندي ما ذكرته لكم إذ النحر قد وقع والتعدي إنما هو في اللحم فيغرم بقدر ما تعدى فيه واختلف علماؤنا فيما يغرم وهي المسألة الحادية عشرة فقال بعض علمائنا إنه يغرم قيمة اللحم وقال في كتاب محمد وابن حبيب عن عبد الملك إنه يغرمه طعاما والأول أصح لأن الطعام إنما هو في مقابلة الهدي كله عند تعذره عبادة وليس
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»