ولم يكن هذا من النبي صلى الله عليه وسلم سؤالا لهم عن الواجب وإنما أراد أن يستخرج ما عندهم من التعصب لهم وإسلامهم إلى الحق الواجب عليهم فقال له رجل من الأنصار من الأوس يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا فيه بأمرك فقام سعد بن عبادة سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن اجتهلته الحمية فقال لذلك الأوسي كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم الأوسي المتكلم أولا فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك رجل منافق تجادل عن المنافقين فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وكانت هذه فائدة لمن بعده ليستن بالنبي صلى الله عليه وسلم في المشاورة وقد روى أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال لما كان يوم بدر جيء بالأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقولون في هؤلاء الأسارى فذكر في الحديث قصة طويلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفلتني أحد منهم إلا بفداء أو ضرب عنق قال عبد الله بن مسعود فقلت يا رسول الله إلا سهيل بن بيضاء فإني قد سمعته يذكر الإسلام فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فما رأيتني في يوم أخوف أن يقع علي حجارة من السماء مني في ذلك اليوم حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سهيل بن بيضاء قال ونزل القرآن بقول عمر ما كان لنبي أن يكون له أسرى) [الأنفال 67]
(٣٩٠)