أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٧٣
وفيه من الآيات أن من دخله خائفا عاد آمنا فإن الله سبحانه قد كان صرف القلوب عن القصد إلى معارضته وصرف الأيدي عن إذايته وجمعها على تعظيم الله تعالى وحرمته وهذا خبر عما كان وليس فيه إثبات حكم وإنما هو تنبيه على آيات وتقرير نعم متعددات مقصودها وفائدتها وتمام النعمة فيه بعثه محمدا صلى الله عليه وسلم فمن لم يشهد هذه الآيات ويرى ما فيها من شرف المقدمات لحرمة من ظهر من تلك البقعة فهو من الأموات المسألة الخامسة قال أبو حنيفة إن من اقترف ذنبا واستوجب به حدا ثم لجأ إلى الحرم عصمه لقوله تعالى (* (ومن دخله كان آمنا) *) فأوجب الله سبحانه الأمن لمن دخله وروي ذلك عن جماعة من السلف منهم ابن عباس وغيره من الناس وكل من قال هذا فقد وهم من وجهين أحدهما أنه لم يفهم معنى الآية أنه خبر عما مضى ولم يقصد بها إثبات حكم مستقبل الثاني أنه لم يعلم أن ذلك الأمن قد ذهب وأن القتل والقتال قد وقع بعد ذلك فيها وخبر الله سبحانه لا يقع بخلاف مخبره فدل على أنه في الماضي هذا وقد ناقض أبو حنيفة فقال إنه لا يطعم ولا يسقى ولا يعامل ولا يكلم حتى يخرج فاضطراره إلى الخروج ليس يصح معه أمن وروي عنه أنه قال يقع القصاص في الأطراف في الحرم ولا أمن أيضا مع هذا وقد مهدناه في مسائل الخلاف المسألة السادسة قال بعضهم من دخله كان آمنا من النار ولا يصح هذا على عمومه ولكنه من
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»