وبهذا يستدل على ضعف قول من قال إنها منسوخة فإن قيل فكيف جاز الإكراه بالدين على الحق والظاهر من حال المكره أنه لا يعتقد ما أظهر الجواب أن الله سبحانه بعث رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم يدعو الخلق إليه ويوضح لهم السبيل ويبصرهم الدليل ويحتمل الإذابة والهوان في طريق الدعوة والتبيين حتى قامت حجة الله واصطفى الله أولياءه وشرح صدورهم لقبول الحق فالتفت كتيبة الإسلام وائتلفت قلوب أهل الإيمان ثم نقله من حال الإذابة إلى العصمة وعن الهوان إلى العزة وجعل له أنصارا بالقوة وأمره بالدعاء بالسيف إذ مضى من المدة ما تقوم به الحجة وكان من الإنذار ما حصل به الإعذار جواب ثان وذلك أنهم يؤخذون أولا كرها فإذا ظهر الدين وحصل في جملة المسلمين وعمت الدعوة في العالمين حصلت لهم بمثافنتهم وإقامة الطاعة معهم النية فقوي اعتقاده وصح في الدين وداده إن سبق لهم من الله تعالى توفيق وإلا أخذنا بظاهره وحسابه على الله المسألة الثالثة إذا كان الإكراه بغير حق لم يثبت حكما وكان وجوده كعدمه وفي ذلك تفريع كثير قد بيناه في كتاب الإكراه من المسائل وستأتي منها مسألة إكراه الطلاق والكفر في قوله تعالى (* (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) *) [النحل 16] إن شاء الله تعالى الآية الثالثة والثمانون قوله تعالى (* (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد) *) [الآية 267]
(٣١١)