أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٠٧
على الفقراء المحتاجين وفي سبيل الله بنصرة الدين وكنى الله سبحانه عن الفقير بنفسه العلية المنزهة عن الحاجات ترغيبا في الصدقة كما كنى عن المريض والجائع والعاطش بنفسه المقدسة عن النقائص والآلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى عبدي مرضت فلم تعدني يقول وكيف تمرض وأنت رب العالمين فيقول مرض عبدي فلان ولو عدته لوجدتني عنده ويقول جاع عبدي فلان ولو أطعمته لوجدتني عنده ويقول عطش عبدي فلان ولو سقيته لوجدتني عنده وهذا كله خرج مخرج التشريف لمن كنى عنه ترغيبا لمن خوطب به المسألة الثالثة قال قوم المراد بالآية الإنفاق في سبيل الله تعالى لأنه قال قبلها (* (وقاتلوا في سبيل الله) *) [البقرة 244] فهذا الجهاد بالبدن ثم قال بعده (* (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) *) فهذا الجهاد بالمال وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من جهز غازيا فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا والصحيح عندي ما قاله الحسن من أنه في أبواب البر كلها ولا يرد عمومه ما تقدمه من ذكر الجهاد المسألة الرابعة انقسم الخلق بحكم الخالق وحكمته وإرادته ومشيئته وقضائه وقدره حين سمعوا هذه الآية أقساما وتفرقوا فرقا ثلاثة
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»